كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)

فالجواب: أن أبا على ذهب إلى أن "حَية" و"حَواء" كـ "سَبِط"1 و"سِبطَر" و"لؤلؤ" و"لأال"2 و"دَمِث"3 و"دِمَثر"4 و"دِلاص"5 و"دُلامِص" في قول أبي عثمان6، وأن هذه ألفاظ اقتربت أصولها، واتفقت معانيها، وكل واحد لفظه غير لفظ صاحبه، فكذلك "حية" مما عينه ولامه ياءان، و"حواء" مما عينه واو ولامه ياء، كما أن "لؤلؤا" رباعي "ولأال" ثلاثي، ولفظاهما مقتربان، ومعنياهما متفقان.
ونظير ذلك في العين قولهم: "جُبتُ جَيبَ القميص"7 فـ "جُبتُ" عينه واو، لأنه من جاب يجوب، و"الجَيبُ" عينه ياء، لقولهم في جمعه "جُيُوب" قال الله عز وجل: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِن} [النور: 31] 8.
وقال ابن الدمينة9:
ألا لا أُبالي ما أَجَنّت قلوبهم ... إذا نَصحت ممن أُحِب جُيُوب10
وإنما جعلنا "حواء" من باب ما عينه واو ولامه ياء، وإن كان يمكن لفظه أن يكون مما عينه ولامه واوان، من قِبَل أن هذا هو الأكثر في كلامهم.
ولم تأت الفاء والعين واللام كلها ياءات إلا في قولهم: يَيَّيتُ ياءً حسنةً، على أن فيه ضعفا من طريق الرواية.
__________
1 سبط: السبط من الرجال: الطويل.
2 لأال: بائع الؤلؤ.
3 دمث: المكان الدمث: لان وسهل. اللسان "2/ 149" مادة/ دمث.
4 نفس المعنى السابق مع اختلاف في الحروف.
5 دلاص: من الدروع اللينة والبراقة وملساء لينة.
6 المنصف "1/ 152".
7 جيب القميص: طوقه. القاموس المحيط "1/ 50" مادة/ جيب.
8 {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} : وليُلقين بغطاء الرأس على فتحة الصدر لستر شعورهن وأعناقهن. والشاهد: أن كلمة الجيب عينها ياء.
9 انظر ديوانه "ص114".
10 الشاعر لا يبالي بما يحدث لمن يرفض النصيحة، وقد استخدم أداة الاستفتاح "ألا" لجذب الانتباه.
والشاهد فيه كلمة "جيوب" حيث جاءت عين الكلمة ياء.

الصفحة 362