كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)

قال1: "أراد: الثعالب والأرانب، فلم يمكنه أن يقف على الباء، فأبدل منها حرفا يمكن أن يقفه في موضع الجر، وهو الياء"، قال: "وليس ذلك أنه حذف من الكلمة شيئًا، ثم عوض منه الياء".
ويحتمل عندي أن تكون "الثعالي" جمع "ثعالة" وهو الثعلب، وأراد أن يقول "ثعائل" فقلب، فقال: "ثعالي" كما قال2:
وكأنّ أُولاها كِعابُ مُقامرٍ ... ضُربِتْ على شُزُن فهنّ شَواعي3
أراد: شوائع.
ومن أبيات الكتاب4:
تَكاد أَواليها تَفَرّى جُلودُها ... ويكتحل التالي بمُور وحاصِبِ5
يريد: أوائلها، وله نظائر، إلا أن الذي ذهب إليه سيبويه أشبه لقوله: "أرانيها"، ولأن "ثعالة" اسم جنس، وجمع أسماء الأجناس ضعيف.
وقالوا: "ديباج" و"دباببيج"، فدل قولهم: "دبابيج" بالباء على أن أصله "دِبّاج" وأنه إنما أبدل الباء ياء استثقالا لتضعيف الباء.
__________
1 أي سيبويه. انظر/ الكتاب "1/ 344".
2 هو الأجدع بن مالك الهمذاني، ذكره صاحب اللسان في مادة "شعا".
وشطر البيت الأول:
كأن صرعيها كعاب مقامر
3 الشزن: الحرف أو الجانب.
الشواعي: المتفرقة "م" شاعية.
والشاعر يصف الخيل وهي تغير على مواقع العدو.
والشاهد فيه "شواعي" فأصله شوائع.
إعرابه: خبر مرفوع وعلامة رفعه الضم المقدر.
4 ذكر البيت صاحب اللسان مادة "وأل" ونسبه إلى يعقوب بإنشاده لذي الرمة "11/ 716".
5 المور: الاضطراب في أي شيء.
الحاصب: ريح شديدة تحمل التراب والحصباء.
تفري: تفرق أو تشقق. اللسان "5/ 152" مادة/ فري.
والشاعر يصف شدة الرياح فأوائلها تكاد تشق الجلود، وعندما تهدأ تحمل الأتربة التي تكتحل بها العيون.
والشاهد فيه: أواليها حيث أبدلت الهمزة ياء.

الصفحة 373