كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)

وذكر أبو الحسن في هذه المسألة في كتابه في التصريف ما أذكره لك لتعجب منه، قال: "وأما شيراز فإنه في وزن "فِعْلال" وهو من بنات الأربعة نحو "سِرداح"1 والياء في "شِيراز" واو، يدلك على ذلك قولهم "شَوَاريز"، ومن قال من العرب "شَرَاريز" كان "شِيراز" عنده بمنزلة "قِيراط" والذي أنكرته من هذا قوله "إن شِيرازا" من بنات الأربعة نحو سِرداح". وليست تخلو الياء في "شِيراز" إذا كانت بدلا من أن تكون بدلا من راء في قول من قال "شَرَاريز" أو من واو في قول من قال "شَوَاريز" علي ما ذكره هو، وذهب إليه.
وعلى كلا القولين لا يجوز أن يكون رباعيا؛ لأنه إن كان في الأصل "شِرَّازًا" فوزنه "فِعَّال"، وإن كان "شِوْرازا" فوزنه "فِوْعال" و"وشِرَّاز" ثلاثي بلا خلاف؛ لأنه من باب "صِنّارة"2 و"خِنّابة"3 و"فِوْعال" ثلاثي أيضًا؛ لأن الواو لا تكون أصلا في ذوات الأربعة إلا في التضعيف نحو "الوصوصة"4 و"الوزوزة"5 و"الوحوحة"6 وباب "قَوْقَيْتُ" و"ضَوْضيتُ" و"زَوزَيْتُ"7؛ لأنه في الأصل "قَوقوتُ" و"ضَوْضَوْتُ" و"زَوْزَوْتُ" و"فِوْعال" ليس مضعفا فتجعل واوه أصلا.
فأما "وَرَنْتَل"8 فحرف شاذ، ولو أمكننا أن نقضي بزيادة الواو فيه لضاق العذر عن تولي ذلك، ولكن كونها أولا يمنع من القضاء بزيادتها.
وهذا الذي حكيته لك عن أبي الحسن موجود في نسخ كتابه في التصريف، وهكذا قرأته على أبي علي، ووجدته أيضًا في نسخة أخرى مقروءة عليه، وفي نسخة أخرى كان يستجيدها، ويصف صحتها، وكذلك كانت، وكان يقول: هذا مصحف جيد، يثني بذلك على النسخة, وقد كثر التخليط في كتابه هذا، وزيد فيه ما ليس من قول أبي الحسن، وألحق بمتونه، فصار كأنه من الكتاب.
__________
1 سرداح: الناقة الطويلة.
2 صنارة: الحديدة التي في رأس المغزل.
3 الخنابة: حرف المنخر. اللسان "1/ 366" مادة/ خنب.
4 الوصوصة: إدناء المرأة نقابها إلى عينها. اللسان "7/ 105" مادة/ وصص.
5 الوزوزة: الخفة والطيش. اللسان "5/ 428".
6 الوحوحة: صوت مع بحح.
7 زوزيت: نصب ظهره وأسرع في عدوه.
8 ورنتل: الشر والأمر العظيم.

الصفحة 379