كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)
أحدهما: أن "فُعْلية" أكثر في الكلام من "فُعّيلة".
والآخر: أن معنى السر ههنا والسرور أظهر من معنى السَّراة والسُّرى.
وإذا كانت "سُرّية" من "السَّراة" فأصلها "سُرِّيوة" لأن السَّراة من الواو، لقول الفرزدق1:
وأصبح مُبْيضُّ الصقيع كأنه ... على سَرَوات البيت قُطن مُنَدَّفُ2
فلما اجتمعت الياء والواو، وسبقت الياء بالسكون قُلبت الواو ياء، وأدغمت الباء في الياء، فصارت "سُرِّيّة". وكذلك القول في "عُلّيَّة"، أصلها "عُلِّيْوة" لأنها من "عَلَوتُ" والقول فيها كالقول في "سُرِّيّة" إذا أُخذت من السَّراة.
__________
1 انظر ديوانه "ص559".
2 سبق شرحه والتعليق عليه.
إبدال الياء من النون:
من ذلك قولهم "دينار" وأصله "دِنَّار"، والقول فيه كالقول في "قِيراط" لقولهم في التكسير "دَنانير" ولم يقولوا "دَيَانير". وكذلك التحقير، وهو "دُنَينير". وقالوا "إِيسان"، فأبدلوا نون "إنسان" ياء، قال1:
فيا ليتني من بعدما طاف أهلُها ... هلَكْتُ، ولم أسمع بها صوت إيسان2
البيت لعامر بن جورين. إلا أنهم قد قالوا في جمعه أيضًا "أياسيّ" بياء قبل الألف، فعلى هذا يجوز أن تكون الياء غير مبدلة، وجائز أيضًا أن يكون من البدل اللازم، نحو: عيد وأعياد وعُيَيْد، ونحو ميثاق ومياثيق، ومِيثَرَة ومياثير. وهذا هو الوجه عندي في "إيسان".
ومن ذلك قولهم "تظنّيت" وإنما هي "تفعّلت" من الظن، وأصلها "تَظَنْنتُ" فقلبت النون الثالثة ياء كراهية التضعيف.
__________
1 ذكره صاحب اللسان مادة "أنس" "6/ 13" ونسبه إلى عامر الطائي.
2 والشاعر يتمنى أن يهلك قبل أن يرى ديار محبوبته خالية ليس بها صوت إنسان.
والشاهد فيه: "إيسان" حيث أبدلت النون ياء.
الصفحة 383
447