كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)
إبدال الياء من الميم:
خبرنا أبو علي بإسناده عن يعقوب1 عن ابن الأعرابي أنه أنشد:
نزور امرءا أمّا الإله فيتَّقِي ... وأما بفعل الصالحين فيأتمي2
قال ابن الأعرابي: أراد: يأتمُّ، فأبدل الميم الثانية ياء.
وقالوا في قول الراجز3:
بل لو رأيتَ الناسَ إذ تُكُمُّوا ... بغُمّة لو لم تُفَرَّج غُمُّوا4
قالوا: أراد: تكمموا، من كممت الشيء إذا سترته، فأبدل الميم الأخيرة ياء مثل "تظنَّيْتُ" فصار في التقدير "تُكُمِّيُوا"، فأسكنت الياء وحذفت، كما تقول: قد تولوا، وتعلوا من: وليت، وعلوت. وقد يحتمل هذا عندي وجها غير القلب، وهو أن يكون "تُكُمُّوا": "تُفُعِّلوا" من كَمَيتُ الشيءَ إذا سترتَه، ومن قولهم "كَمِيّ" لأنه هو الذي قد تَسَتّر في سلاحه، فيكون "تكُمُّوا" على هذا مما لامه مُعتلة، ولا يكون أصله من ذوات التضعيف.
وقال ابن الأعرابي في قول ذي الرمة5:
مُنَطِّقَة بالآي مُعْمَيَّة به ... دياجيرُها الوسطى وتبدو صدورُها6
__________
J
__________
1 كتاب الإبدال "ص135".
2 البيت لكثير عزة يمدح فيه عبد العزيز بن مروان. والبيت فيه دعوة إلى طاعة الإله وإلا فقضاء بفعل الصالحين، والشاهد فيه: "يأتمي" حيث أبدل الميم الثانية ياء فأصلها "يأتم".
3 هو العجاج، والبيتان مطلع أرجوزة يذكر فيها قتل مسعود بن عمر العتكي من الأزد.
انظر/ ديوانه "ص422"، واللسان "2/ 441" مادة/ غمم.
4 تكموا: ستروا.
الغمة: الكرب. اللسان "12/ 441" مادة/ غمم.
والمعنى أن الناس إذا ما ستروا ما يغمهم ولم تفرج عنهم وتزال سيظلوا هكذا.
والشاهد فيه "تكموا" أراد: تكمموا من كممت أو من كميت فأبدلت الميم ياء.
5 ليس في قصيدته التي على هذا الروي ومن هذا البحر ولم أقف عليه.
6 الديجور: الظلمة "ج" دياجير. اللسان "4/ 278" مادة/ دجر.
المعنى: أن هناك مناطق مليئة بعلامات الظلمة في أوساطها، وبدايتها مضيئة.
والشاهد فيه "معمية" حيث أبدلت الميم ياء فأصلها معممة.
الصفحة 386
447