كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)

وأنشدني أبو علي:
يا أبجر بن أبجر يا أنتا ... أنت الذي طلقت عام جعتا
قد أحسن الله وقد أسأتا1
فقال: طلقت، ولم يقل طلق، وله نظائر. قال أبو عثمان في كتاب الألف واللام: ولولا أنا سمعناه من الثقة يرويه؛ لما أجزناه.
فهذه أحوال اللام في الذي وبابه.
وأما اللات والعزى؛ فذهب أبو الحسن2 إلى أن اللام فيها زائدة. والذي يدل على صحة مذهبه أن اللات والعزى علمان بمنزلة يغوث3، ويعوق4، ونسر5، ومناة6، وغير ذلك من أسماء الأصنام، فهذه كلها أعلام وغير محتاجة في تعريفها إلى اللام، وليست من باب الحارث والعباس من الأوصاف التي نقلت، فجعلت علمًا، وأقرت فيها لام التعريف على ضرب من توهم روائح الصفة فيها، فتحمل على ذلك؛ فوجب أن تكون اللام فيها زائدة، ويؤكد زيادتها فيها أيضًا لزومها إياها كلزوم لام "الآن" و"الذي" وبابه.
__________
1 يقول الشاعر: إنك يا أبجر طلقت زوجتك عام جعت وهذا ليس بالغريب عليك فقد أحسن الله لك وأنت أسأت.
وقوله "يا أبجر" أسلوب إنشائي في صورة نداء غرضه التوبيخ والتحقير.
وقوله "قد أحسن ... " أسلوب توكيد، ويؤكد على إحسان الله له رغم ما فيه من إساءة.
الشاهد قوله: "طلقت" ولم يقل "طلق".
الأبيات نسبها صاحب الخزانة إلى سالم بن دارة الغطفاني.
2 أبو الحسن: الأخفش، وقد ذكر ذلك فى كتابه معاني القرآن "ص11".
3 يغوث: صنم كان لمذحج، وقيل: لقوم نوح.
4 يعوق: اسم صنم كان لكنانة.
5 نسر: صنم كان لذي الكلاع، وهم قوم يقطنون أرض حمير.
6 مناة: صنم كان لهذيل وخزاعة بين مكة والمدينة.

الصفحة 39