كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)
وعلى هذا يتوجه عندي قول الحصين بن الحمام1:
ما كنت أحسب أن أمي علة ... حتى رأيت إذي نحاز ونقتل
ومعناه: إذ نحاز، إلا أنه لما كان يقول في التذكر "إذي" وهو متذكر إذ كان كذا وكذا أجرى الوصل مجرى الوقف، فألحق الياء في الوصل، فقال/ "إذي" ولهذا نظائر.
وقال سيبويه2: "وسمعنا من يوثق به في ذلك يقول: هذا سيفني، يريد: هذا سيف، ولكنه تذكر بعد كلاما، ولم يرد أن يقطع اللفظ لأن التنوين حرف ساكن ينكسر، فكسر كما كسر دال قد". هذا قول سيبويه كما تراه.
وقال الراجز3:
تقول: يارباه يارب هل ... هل أنت من هذا منج أحبلي
إما بتطليق وإما ب "ارحلي"4
فحرك لام "هل" لما أطلقها بالكسر.
فإن كان الساكن مما يكون وقتا مضموما أو مفتوحا، ثم وقفت عليه مستذكرا، ألحقت ما يكون مضموما واوا، وما يكون مفتوحا ألفا، فتقول: ما رأيته مذو، أي: مذ يوم كذا؛ لأن أصله ضم الذال في "منذ"، وتقول: عجبت منا، أي: من زيد أو غيره؛ لأنك قد كنت تقول: من اليوم، ومن الرجل، ومن الغلام، فتفتحه. ومن كان من لغته "من الغلام" قال في التذكر "عجبت مني"، فحكم التذكر في هذا الباب حكم القافية؛ ألا ترى أنك تقول في التذكر "عجبت من الغلامي" فتلحق الياء بعد الميم كما تلحقها بعدها في القافية في نحو قوله5:
__________
1 البيت منسوب إليه في اللسان مادة "أذذ".
2 الكتاب "2 / 304".
3 لم أقف عليه.
4 يدعو الشاعر ربه أن ينجيه مما هو فيه.
واستخدم في ذلك أسلوب الاستفهام الذي يفيد الرجاء.
والشاهد فيه "هل" حيث حرك اللام بالكسر.
5 سبق تخريجه.
الصفحة 400
447