كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)
فإذا كان الأمر كذلك زدت على ألف: با تا ثا ونحو ذلك ألفا أخرى، كما رأيت العرب فعلت لما أعربت "لو"، فقالوا1:
ليت شعري، وأين مني ليتٌ ... إن ليتًا وإن لوًا عناء2
وأنشدنا أبو علي3:
أفلا سبيل لأن يصادف روعنا ... لوًا، ولو كاسمها لا توجد4
وقال الآخر5:
عَلِقَتْ لوًا تُكرره ... إن لوًا ذاكِ أعيانا6
فكما زادت العرب على هذه الواو واوًا أخرى، وجعلت الثاني من لفظ الأول لأنه لا أصل له فيرجع عند الحاجة إليه، كذلك زدت على الألف من با تا ثا ألفا أخرى عوضا لما رأيت العرب فعلت في "لو" لما أعربتها، فصار التقدير "با ا" "تا ا" "طا ا" "ها ا" فلما التقت ألفان ساكنتان لم يكن من حذف إحداهما أو حركتها بد، فلم يسغ حذف إحداهما لئلا تعود إلى القصر الذي منه هربت، فلم يبق إلا أن تحرك إحداهما، فلما وجب التحريك لالتقاء الساكنين كانت الألف الثانية بذلك أحرى؛ لأنك عندها ارتدعت إذ كنت إليها تناهيت، فلما حركت الثانية قلبتها همزة على حد ما بيناه في حرف الهمزة من إبدال الهمزة من الألف.
فعلى هذا فقالوا: خططت باءً حسنةً، وكتبت حاءً جيدةً، وأراك تكتب طاء صحيحة، وما هذه الراء الكبيرة؟
__________
1 البيت نسب في الكتاب "2/ 23" إلى أبي زيد الطائي، وكذا الجمهرة "1/ 122" والخزانة "3/ 282"، وذكر بغير نسب في المقتضب "1/ 370".
2 الشاهد فيه "وإن لوا" حيث أعربت "لو" ونونت، وهذا شاذ لا يقاس عليه.
3 المنصف "2/ 153".
4 الشاهد فيه "لوا" حيث أعربت "لو".
5 البيت للنمر بن تولب في اللسان "إمالا" "15/ 469"، والخصائص "17/ 50".
6 الشاهد فيه "لوا" حيث أعربت في هذه الشواهد وهذا مما لا يقاس عليه.
الصفحة 409
447