كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)

فقال: لا، بل اللف الآن مقضي عليها بأنها منقلبة عن واو، والهمزة بعدها في حكم ما انقلبت عن الياء لتكون الكلمة بعد التكملة والصيغة الإعرابية من باب "شويت" و"طويت" و"حويت".
فقلنا له: ألسنا قد علمنا أن الألف في "باء" هي الألف التي في "با" "تا" "ثا" إذا تهجيت، وأنت تقول: إن تلك الألف غير منقلبة من ياء أو واو لأنها بمنزلة ألف "ما" و"لا"؟
فقال: لما نقلت إلى الأسمية دخلها الحكم الذي يدخل الأسماء من الانقلاب والتصرف؛ ألا ترى أنا إذا سمينا رجلا ب "ضرب" أعربناه لأنه قد صار في حيز ما يدخله الإعراب، وهو الاسمن وإن كنا نعلم أنه قبل أن يسمى به لايعرب لأنه فعل ماض، ولم تمنعنا معرفتنا بذلك من أن نقضي عليه بحكم ما صار منه وإليه، فكذلك أيضا لا يمنعنا بأن ألف "با" "تا" "ثا" غير منقلبة ما دامت حروف هجاء من أن نقضي عليها إذا زدنا عليها ألفا أخرى، ثم همزنا تلك المزيدة بأنها الآن منقلبة عن واو، وأ، الهمزة منقلبة عن ياء إذ صارت إلى حكم الأسماء التي يقضي عليها بهذا ونحوه.
وهذا صحيح منه حسن، ويؤكده عندك أنه لا يجوز وزن "با" "تا" "ثا" "حا" "خا" ونحوها ما دامت مقصورة متهجاة، فإذا قلت: هذه باء حسنة، ونظرت إلى هاء مشقوقه، جاز أن تمثل ذلك، فتقول: وزنه "فعل" كما تقول في "داء" و"ماء" و"شاء" إنه "فعل".
فقال لأبي علي بعض حاضري المجلس: أفيجمع على الكلمة إعلال العين واللام؟
فقال: قد جاء من ذلك أحرف صاحلة، فيكون هذا منها ومحمولا عليها.
والذي زاد على أبي علي هذه الزيادة فتى كان يقرأ ليه يعرف بالبوراني، وكان هذا الفتى -رحمه الله- دقيق الفكر، حسن التصور، بحاثان مفتشا، ولا أظلمه حقه، فقلما رايت ابن سنه في لطف نظره، عفا الله عنا وعنه.
وأنا أذكر الأحرف التي اعتلت فيها العين واللام.

الصفحة 411