كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)

فصارت كأنها حرف آخر، قرأت على أبي بكر بن الحسن، أو قرئ عليه وأنا حاضر عن أحمد بن يحيى، وحدثنا به عن أبي العباس محمد بن يزيد المبرد محمد بن سلمة1:
ألا يا سنا برق على قلل الحمى ... لهنك من برق علي كريم2
فهذا أقوى دليل على أن مرتبة اللام قبل "إن"، وبه رأيت شيخنا أبا علي يستدل3.
والدليل الثاني: أن "إن" وما عملت فيه جميعًا في موضع اسم مرفوع بالابتداء بدلالة قوله عز وجل: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 2] 4، وعلى هذا قالوا5:
................ ... فإني وقيار بها لغريب6
__________
1 ذكر ابن منظور البيت في مادة "لهن" دون أن ينسبه؛ بينما نسبه صاحب الخزانة إلى أحد غلمان بني كلاب. لسان العرب "13/ 393".
2 سنا: ضوء. القاموس "4/ 344".
قلل: "ج" قلة وهي القمة. القاموس "4/ 40.
وقوله: "يا سنا...." أسلوب نداء غرضة المدح.
والشاهد في البيت إبدال الهمزة هاء في قوله "لهنك"، والبيت سبق التعليق على قائله.
3 استدل على ذلك باستخدام المسائل العسكريات.
4 أسلوب توكيد يدل على براءة الله -عز وجل- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- من المشتركين.
الشاهد أن "إن" وما عملت فيه في موضع اسم مرفوع بالابتداء في قوله "إن الله..".
5 البيت نسبه صاحب الكتاب إلى ضابئ بن الحارث البرجمي.
6 نسب صاحب اللسان البيت إلى ضابئ البرجمي في مادة "قير". لسان العرب "5/ 125".
وصدر البيت كما في اللسان:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإني وقيارًا بها لغريب
فإني: أي يقصد نفسه.
قيار: اسم فرس أو جمل.
الرحل: أي المنزل.
ويقال أن الشاعر قال هذا البيت ضمن مجموعة أبيات في المدينة في زمن عثمان بن عفان، وكان قد حبس بالمدينة؛ لأنه تطاول على قوم من بني جدول بن نهشل وسبهم وهجاهم؛ فحبس لذلك؛ فأضحى غريبًا هو وفرسه في المدينة.
والشاهد فيه أن "إن" وما عملت فيه محل اسم مرفوع بالابتداء في قوله "فإني وقيارًا..".

الصفحة 50