وأما قول أبي حزام العكلي1:
وأعلم أن تسليمًا وتركًا ... للا متشابهان ولا سواء2
فإنما أدخل اللام وهي للإيجاب على "لا" وهي للنفي من قبل أنه شبهها بغير، فكأنه قال: "لغير متشابهين"، كما شبه الآخر "ما" التي للنفي ب "ما" التي في معنى الذي، فقال3:
لما أغفلت شكرك فاصطنعني ... وكيف ومن عطائك جل مالي4
ولم يكن سبيل اللام الموجبة أن تدخل على "ما" النافية لولا ما ذكرت لك من الشبه اللفظي، كما قال الآخر:
ورج الفتى للخير ما إن رأيته ... على السن خيرًا لا يزال يزيد5
فزاد "إن" مع "ما"، وليست للنفي؛ فاعرفه إن شاء الله.
وأما الضرورة التي تدخل لها اللام في خبر غير "إن"؛ فمن ضرورات الشعر، ولا يقاس عليها، قرأت على أبي علي بإسناده إلى يعقوب6:
__________
1 البيت نسبه إليه صاحب الخزانة.
2 الشاهد فيه أنه أدخل اللام التي للإيجاب على أداة النفي "لا"، والبيت كما ذكرنا نسبه صاحب الخزانة إلى أبي حزام العكلي.
3 يعني النابغة الذبياني، والبيت عثرنا عليه في ديوانه "ص205".
4 أغفلت: غفل عنها من قلة التيقظ والتحفظ.
فاصطنعني: أسلوب إنشائي في صورة أمر غرضه الالتماس.
وكيف: استفهام استنكاري.
جل: الجل من كل شيء معظمه "ج" جلال وأجلال. القاموس المحيط "3/ 349".
البيت للنابغة الذبياني من قصيدة يمتدح فيها النعمان بن المنذر.
الشاهد دخول اللام الموجبة على "ما" النافية.
5 الشاهد فيه اقتران "ما" بـ "إن" وهي هنا ليست للنفي وإنما زائدة.
والبيت نسبه صاحب الكتاب إلى المعلوط بدل الفريعي وذكره صاحب اللسان في مادة "أن" دون أن ينسبه إلى قائلة. لسان العرب "13/ 35".
6 ذكر العيني أن قائله رؤية، ونسبه الصغاني في العباب إلى عنترة بن عروس وهو الصحيح. العيني "1/ 535" والبيتان في ملحقات ديوان رؤبة "ص170".