ومثل البيت الأول ما أنشدنيه أبو علي1:
فقلت: ادعي وأدع فإن أندى ... لصوت أن ينادي داعيان2
أي: ولأدع؛ لأن معنى ادعي: لتدعي. وأنشد البغداديون:
من كان لا يزعم أني شاعر ... فيدن مني تنهه المزاجر3
و: "البصائر" أيضًا، أراد: فليدن.
وكل هذا شاذ لا يحسن القياس عليه؛ فهذه اللام العاملة في الأفعال.
وأما اللام غير العاملة فلام القسم، وتدخل من الأفعال في موضعين: أحدهما المضي، والآخر المستقبل.
فأما الماضي فكقولك: والله لقد قمت، وقوله تعالى: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} [يوسف: 91] 4 وربما حذفت اللام، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 9، 10] 5 أي: لقد أفلح من زكاها، ولقد خاب من دساها. وربما حذفت قد.
__________
1 أبو علي: نسب صاحب الكتاب البيت للأعشى؛ بينما نسبه صاحب اللسان في مادة "ندي" إلى دثار بن شيبان.
2 ادع: من دعا بالشيء دعوًا ودعوة ودعاء، أي طلب إحضاره أو نادى أو صاح.
أندى: يقال ندى الصوت أي حسنه. والبيت في جملته أسلوب خبري غرضه التعظيم.
الشاهد فيه وقوله "وأدع" أي: ولأدع.
3 يقول الشاعر أن من يزعم أنني لست بشاعر فليدن مني ولير هل تنهه المزاجر أن لا.
وأسلوب البيت في جملته خبري غرضه التعظيم والفخر.
وقوله "يدن ... " أسلوب أمر غرضه التهديد والوعيد.
والبيت ذكره صاحب اللسان في مادة "زجر" دون أن ينسبه.
والشاهد فيه قوله "فيدن" والتقدير "فليدن".
4 {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} : أسلوب إنشائي في صورة قسم غرضه التأكيد.
5 أفلح- خاب: بينهما تضاد يبرز المعنى ويقويه.
والأسلوب إنشائي في صورة توكيد غرضه إعطاء الكلام قوة وتأثيرًا في النفس والحث على تزكية النفس وبعدها عن الرذائل.