كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)

وقالوا: رجل مفوه إذا أجاد القول؛ لأنه يخرج من فيه.
ومنه الأفوه الأودي1. وقالوا: ما تفوهت به، وهو تفعلت منه، كما قالوا: تلغمت بكذا وكذا، أي: حركت به ملاغمي، وهي ما حول الشفتين.
وقالوا في جمع أفوه -وهو الكبير الفم- فوه.
قرأت على أبي علي للشنفرى2:
مهرته فوه كأن شدوقها ... شقوق العصي كالحات وبسل3
ولم نسمعهم قالوا "أفمام"، ولا "تفممت"، ولا "رجل أفم"، كما قالوا: أصم، ولا شيئًا من هذا النحو مما لم نذكره؛ فدل اجتماعهم على تصريف الكلمة بالفاء والواو والهاء على أن التشديد في "فم" لا أصل له في نفس المثال؛ وإنما هو عارض لحق الكلمة.
__________
1 الأفوه الأودي: هو صلاءة بن عمرو الأفوه.
2 يقال هو الشنفرى الأزدي. انظر/ شرح لامية العرب للعكبري "ص22".
3 مهرته: الهرات هو: رجل لا يكتم سرًا ويتكلم بالقبيح. القاموس المحيط "1/ 160".
شدوقها: الشدق: جانب الفم ما تحت الخد، وكانت العرب تمتدح رحابة الشدقين؛ لدلالتها على جهارة الصوت "ج" أشداق، شدوق. القاموس المحيط "3/ 248".
كالحات: أي اشتد عبوسها، والكلوح تكشر في عبوس. مادة "ك ل ح" القاموس "1/ 246".
بسل: البسالة: الشجاعة، وقد بسل من باب ظرف فهو باسل أي: بطل "ج" بسل كبازل وبزل. القاموس المحيط "3/ 335".
إعراب الشاهد: فوه: خبر مرفوع.
ونسب ابن جني البيت إلى الشنفرى الأزدي؛ بينما لم نقف على قائله.

الصفحة 91