كتاب تفسير القرطبي (اسم الجزء: 2)

لَهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: بَلَى، كَانَ رَدًّا لِقَوْلِهِ، وَتَقْدِيرُهُ: بَلَى لِي عَلَيْكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ" أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى «1» " وَلَوْ قَالُوا نَعَمْ لكفروا. الثانية- قوله تعالى:" سَيِّئَةً" السَّيِّئَةُ الشِّرْكُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ:" مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً"؟ قَالَ: الشِّرْكُ، وَتَلَا" وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ»
". وَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ، قَالَا: وَالْخَطِيئَةُ الْكَبِيرَةُ. الثَّالِثَةُ- لَمَّا قَالَ تَعَالَى:" بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ" دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى شَرْطَيْنِ لَا يَتِمُّ بِأَقَلِّهِمَا، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا «3» " وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِسُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ وَقَدْ قَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ. قَالَ: (قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى لِآدَمَ وَحَوَّاءَ:" وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ «4» ". وَقَرَأَ نَافِعٌ" خَطِيئَاتُهُ" بِالْجَمْعِ، الْبَاقُونَ بِالْإِفْرَادِ، وَالْمَعْنَى الْكَثْرَةُ، مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها «5» ".

[سورة البقرة (2): آية 83]
وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83)
فِيهِ عَشْرُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ" تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي بَيَانِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ «6». وَاخْتُلِفَ فِي الْمِيثَاقِ هُنَا، فَقَالَ مَكِّيٌّ: هُوَ الْمِيثَاقُ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ حِينَ أُخْرِجُوا مِنْ صُلْبِ آدَمَ كَالذَّرِّ. وَقِيلَ: هُوَ مِيثَاقٌ أُخِذَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ عُقَلَاءُ في حياتهم على ألسنة أنبيائهم.
__________
(1). راجع ج 7 ص 613.
(2). راجع ج 13 ص 245.
(3). راجع ج 15 ص 357.
(4). راجع ج 1 ص 304. [ ..... ]
(5). راجع ج 9 ص 367.
(6). راجع ج 1 ص 246، 330.

الصفحة 12