كتاب شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو (اسم الجزء: 2)

ويمتنع الإتباع لأنه يؤدي إلى تسليط عاملين مختلفي المعنى أو العمل على معمول واحد من جهة واحدة، بناء على أن العامل في المنعوت هو العامل في النعت, وهو الصحيح1. وأما إذا اتحد العاملان معنى وعملا فلا محذور في الإتباع، لأن العاملين من جهة المعنى شيء واحد، فنزلا منزلة العامل الواحد عند الجمهور. وقال ابن السراج2 إذا اتفقا لفظًا كان الثاني توكيدًا للأول. والحاصل أن صور العاملين أربع:
إحداها: أن يختلف العاملان في المعنى والعمل كـ: رأيت زيدًا ومررت بعمرو.
الصورة الثانية: أن يختلف العمل قط كـ: مررت بزيد ولقيت عمرًا، وفيهما أربعة أقوال: فالجمهور على منع الإتباع فيهما، وابن الطراوة على جواز الإتباع فيهما للثاني دون الأول، والكسائي والفراء على منع الإتباع في الأولى وجوازه في الثانية، لكن الكسائي يتبع الثاني فيها دون الأول والفراء يعكس ذلك3.
الصورة الثالثة: أن يختلف المعنى فقط كـ: وجد زيد على عمرو، ووجد عمرو الضالة، أجاز قوم فيها الإتباع، وهم القائلون: إن العامل التبعية4، ومنعه قوم وهم القائلون: إن عامل المنعوت والنعت واحد5.
الصورة الرابعة: أن يتحدا معنى وعملا وتحته صورتان:
أن يتحدا لفظًا أو لا، فالأولى6 نحو: جاء زيد وجاء عمرو العاقلان فيجوز فيها الإتباع، وقيده ابن السراج بأن يقدر الثاني توكيدًا7. والثانية نحو: جاء زيد وأتى عمرو الظريفان، فأجاز الجمهور فيها الإتباع8، ومنعه ابن السراج مطلقًا2. هذا كله مع اتحاد جنس العاملين، فإن اختلفا كـ: هذا زيد وجاء عمرو الظريفان، ومررت بزيد وهذا عمرو الظريفان، ولقيت زيدًا وإن عمرًا في الدار القائمان، فذهب الجمهور إلى منع الإتباع والأخفش والجرمي إلى جوازه9.
__________
1 انظر شرح ابن الناظم ص354.
2 الأصول 2/ 42.
3 انظر همع الهوامع 2/ 119.
4 في همع الهوامع 2/ 115، القائلين بالتبعية هم الخليل وسيبويه والأخفش والجرمي.
5 انظر همع الهوامع 2/ 115.
6 في "ط": "فالأول".
7 الأصول 2/ 42.
8 انظر شرح التسهيل 3/ 317.
9 انظر شرح المرادي 3/ 150، والارتشاف 2/ 590.

الصفحة 122