كتاب شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو (اسم الجزء: 2)

"و" كلا وكلتا وكل وجميع وعامة "يؤكد بهن لرفع احتمال تقدير بعض مضاف إلى متبوعهن، فمن ثم"؛ أي: من أجل الاحتمال المذكور "جاز" أن يقال: "جاءني الزيدان كلاهما، والمرأتان كلتاهما، لجواز أن يكون الأصل: جاء أحد الزيدين أو إحدى المرأتين"، وأنه أطلق المثنى وأريد به واحد، "كما قال" الله "تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] بتقدير: يخرج من أحدهما" وهو البحر الملح، واللؤلؤ: كبار الدر، والمرجان: صغاره.
"وامتنع على الأصح" أن يقال: "اختصم الزيدان كلاهما والهندان كلتاهما، لامتناع التقدير المذكور1"، لأن الاختصام لا يكون إلا بين اثنين، ويدل على امتناع2 ذلك إطباقهم على منه: جاء زيد كله، لعدم الفائدة. هذا قول الأخفش وهشام والفراء وأبي علي3. وذهب الجمهور إلى إجازته4، وتبعهم ابن مالك في التسهيل5.
واحتج المجيز بأن العرب قد تأتي بالتوكيد حيث لا احتمال نحو: جاء القوم كلهم أجمعون أكتعون. "وجاز" أن يقال: "جاء القوم كلهم، واشتريت العبد كله" لرفع الاحتمال المذكور، "وامتنع" أن يقال: "جاء زيد كله"، لعدم الفائدة، إذ يستحيل نسبة المجيء إلى جزئه المتصل به دون البعض الآخر.
"والتوكيد بـ"جميع" غريب6، ومنه قول امرأة" من العرب وهي ترقص ولدها: [من الهزج]
644-
فداك حي خولان ... جميعهم وهمدان
وكل آل قحطان ... والأكرمون عدنان
__________
1 في "ب": "حينئذ" مكان "المذكور".
2 سقطت من "ب".
3 الارتشاف 2/ 609.
4 ومنهم المبرد، انظر الارتشاف 2/ 608.
5 التسهيل ص164.
6 في شرح ابن الناظم ص359: "وأغفل أكثر النحويين التنبيه على التوكيد بهذين الاسمين "جميع وعامة"، ونبه عليهما سيبويه". وانظر الكتاب 1/ 376-377، 2/ 116، وشرح الكافية الشافية 3/ 1171، وشرح التسهيل 3/ 299.
644- الرجز لامرأة من العرب ترقص ابنها في المقاصد النحوية 4/ 91، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 330، والدرر 2/ 382، وشرح ابن الناظم ص359، وهمع الهوامع 2/ 123.

الصفحة 135