كتاب شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو (اسم الجزء: 2)

والناصب له عندهم معنوي، وهو معنى المخالفة التي اتصف بها، ولا يحتاج إلى شيء يتعلق به الخبر، "و: أحْسَنَ؛ إنما هو في المعنَى وصف لـ: زيد، لا لضمير: ما" فلذلك نَصَبَ. "و: زيدًا؛ عندهم مشبه بالمفعول به"، لأن ناصبه وصف قاصر1، فأشبه نصبَ الوجهِ في قولك: "زيدٌ حسنٌ الوجه". وأجيب بأن التصغير في "أفعل" شاذ، ووجه تصغيره أنه أشبه الأسماء عمومًا لجموده، وأنه لا مصدر له. أو أنهم2 ذهبوا بتصغيره إلى معنى المصدر حيث لزم صيغة واحدة. قاله أبو البقاء3. وأشبه أفعل التفضيل خصوصًا بكونه على وزنه، وبدلالته على الزيادة، وبكونهما لا يبنيان إلا مما استكمل شروطًا، يأتي ذكرها.
وندر حذف همزة "أفعل" سمع: ما خيره وما شره، بمعنى: ما أخيره وأما أشره، ولما حذفوا همزة "أخير" حركوا الخاء بحركة الياء، ومنهم من لم يحركها ويحذف ألف "ما" ويقول: مخيره، وسمع الكسائي: مخبثه.
"الصيغة الثانية" من صيغتي التعجب: "أفعل به" بكسر العين، "نحو أحسن بزيد" وإليها الإشارة بقول الناظم:
474-
.................................... ... أو جيء بأفعل قبل مجرور ببا
"وأجمعوا على فعلية: أفعل" لأنه على صيغة لا تكون إلا للفعل، فأما أصبع بفتح الهمزة، لغة في إصبع فنادر، وفي كلام ابن الأنباري ما يدل على أن "أفعل" اسم. قال المرادي4: ولا وجه له.
"ثم" بعد اتفاقهم على فعليته اختلفوا في حقيقه، "قال البصريون"؛ جمهورهم: "لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر" فمدلوله ومدلول "أحسن" في: ما أحسن زيدًا من حيث التعجب واحد، "وهو في الأصل فعل ماض" صيغته "على صيغة: أفْعَلَ" بفتح العين، وهمزته للصيرورة "بمعنى صار ذا كذا"، فأصل: "أحسن يزيد" أحسن زيد، أي صار ذا حسن، "كـ: أغد البعير، أي صار ذا غدة"، وأبقلت الأرض: أي صارت ذات بقل، "ثم غيرت الصيغة" الماضوية, إلى الصيغة الأمرية، فصار: أحسن زيد، بالرفع، "فقبح إسناد" لفظ "صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر"، لأن صيغة
__________
1 في "ب": "فعل".
2 في "ب": "أو لأنهم".
3 ورد قوله في كتابه التبيين ص290-291.
4 شرح المرادي 3/ 63.

الصفحة 60