كتاب شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو (اسم الجزء: 2)

وضعف مذهب جمهور البصريين بثلاثة أوجه: أحدها: استعمال الأمر بمعنى الماضين وهو ما لم يعهد والمعهود عكسه. والثاني: استعمال أفعل بمعنى "صار" وهو قليل، والثالث: زيادة الباء في الفاعل.
ورد ابن مالك قول الفراء وموافقيه بأربعة أوجه1:
أحدها: أنه لو كان أمرًا لزم إبراز ضميره.
الثاني: أنه لو كان أمرًا لم يكن الناطق به متعجبًا، كما لا يكون الأمر بالخلف ونحوه حالفًا، ولا خلاف في كونه متعجبًا.
الثالث: أنه لو كان مسندًا إلى ضمير المخاطب لم يلِهِ ضمير المخاطب في نحو: أحسن بك.
الرابع: أنه لو كان أمرًا لوجب له من الإعلال ما وجب لـ: أقم وأبن.
ويجوز حذف الباء إذا كان المتعجب منه "أن" المصدرية وصلتها كقوله "من الطويل"
607-
..................................... ... وأحبب إلينا أن يكون المقدما
أي: بأن يكون، دون "أن" المشددة وصلتها لعدم السماع، فهذا حكم اختصت2 به "أن" عن "أن" ونظيره: عسى أن يقوم. قاله الموضح في الحواشي3.
وزاد بعضهم في التعجب صيغة ثالثة، وهي "فعل" بضم العين، نحو: {كَبُرَتْ كَلِمَةً} [الكهف: 5] ، وزاد الكوفيون رابعة وهي: أفعل بغير "ما" فأجازوا تحويل الثلاثي إلى صيغة أفعل، وقالوا: أحسنت رجلا، وأكرمت رجلا بمعنى4: ما أحسنك وما أكرمك. وزاد بعضهم اسم التفضيل متمسكًا بقول سيبويه5: إن أفعل وما أفعله وأفعل به في معنى واحد.
__________
1 شرح التسهيل 3/ 33-34.
607- صدر البيت: "وقال نبي المسلمين تقدموا"، وهو لعباس بن مرادس في ديوانه ص102، والدرر 2/ 292، 297، والمقاصد النحوية 3/ 656، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 34، والجنب الداني ص49، والدرر 2/ 580، وشرح ابن الناظم ص332، وشرح الأشموني 2/ 364، وشرح ابن عقيل 2/ 157، وشرح التسهيل 3/ 35، ولسان العرب 1/ 292 "حبب"، والمقاصد النحوية 4/ 593، وهمع الهوامع 2/ 90، 91، 227.
2 في "ب": "اختص".
3 انظر التسهيل ص130.
4 في "ب": "يعني".
5 الكتاب 4/ 97.

الصفحة 62