كتاب شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو (اسم الجزء: 2)

والثاني: يكون بمجرد الاستغناء عن تصرفه غيره، وإن كان باقيًا على أصله من الدلالة على الحدث والزمان، كـ: يذر ويدع، حيث استغني عن ماضيهما بماضي "يترك". وكلا القسمين مراد هنا، فلا يبنيان من: نعم وبئس ويذر ويدع، فلا يقال: ما أنعمه وأبأسه، وأنعم به وأبئس به، وهما باقيان على معناهما من إنشاء المدح والذم، ولا ما أوذره، ولا ما أودعه، وشذ ما أعساه أو أعس به1.
الشرط "الرابع: أن يكون معناه قابلا للتفاضل" في الصفات الإضافية التي تختلف بها أحوال الناس، سواء كانت بالنسبة إلى شخص واحد في حالين، كـ: العلم الجهل، أو شخصين، كـ: الحسن والقبح، فتقول: ما أعلمه يوم الخميس، وما أجهله يوم الأربعاء، وما أحسنه وما أقبحه، بخلاف ما لا يقبل التفاضل ويشترك فيه الجميع "فلا يبنيان من نحو: فني ومات" لأنه لا مزية فيه لبعض فاعليه على بعض حتى يتعجب منه.
الشرط "الخامس: أن لا يكون" الفعل "مبنيًّا للمفعول" تحويلا أو تأصيلا، "فلا يبنيان من نحو: ضرب" زيد بضم أوله وكسر ما قبل آخره، فلا يقال: ما أضرب زيدًا، وأنت تريد التعجب من الضرب الذي وقع على زيد، لئلا يلتبس التعجب منه بالتعجب من فعل الفاعل، "وشذ: ما أخصره، من وجهين": الزيادة على الثلاثة والبناء للمفعول2، "وبعضهم يستثني" من الفعل المبني للمفعول "ما كان ملازمًا لصيغة: فُعِلَ" بضم أوله وكسر ثانيه، "نحو: عُنِيتُ بحاجتك، وزُهِيَ علينا" بمعنى تكبر "بضم أولهما وكسر ما قبل آخرهما"3 فيجيز التعجب منه لعدم اللبس، فتقول: "ما أعناه بحاجتك، وما أزهاه علينا"، وجرى على ذلك ابن مالك4 وولده5 بناء على أن علة المنع خوف الالتباس، وأما من جعل علة المنع التشبيه بأفعال الخلق بجامع أن كلا منهما لا كسب للمفعول فيه، فينبغي أن لا يستثني شيئًا، ويؤول ما ورد من ذلك، على أن التعجب فيه من فعل مفعول في معنى فعل فاعل لم ينطق به6.
__________
1 انظر شرح ابن الناظم ص33، وشرح الكافية الشافية 2/ 1082.
2 شرح ابن الناظم ص331، وشرح الكافية الشافية 2/ 1082.
3 إضافة من "ب".
4 شرح الكافية الشافية 2/ 1086.
5 شرح ابن الناظم ص331.
6 سقطت من "ب".

الصفحة 70