كتاب شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو (اسم الجزء: 2)

"لم الله شعثك" أي جمعه، وكأنه قيل: اجمع نفسك إلينا، فحذفت ألفها تخفيفًا، ونظرًا إلى أن أصل لام "لم" السكون وقال الخليل: ركبا قبل الإدغام، فحذفت الهمزة للدرج إذا كانت همزة وصل، وحفت الألف لالتقاء الساكنين، ثم نقلت حركة الميم الأولى إلى اللام، وأدغمت، وقال الفراء، مركبة فعل بمعنى: أحضر في المتعدي، وبمعنى: ائت في اللازم.
واللغة الثانية: أن تلحقها الضمائر البارزة بحسب من هي مسندة إليه، فتقول: "هلما وهلموا وهلمي وهلممن" بالفك، وهي لغة بني تميم، وهي عندهم فعل أمر.
وذهب بعض النحويين إلى أن "هلم" في لغة بني تميم اسم غلب فيه جانب الفعلية، واستدل بالتزامهم الإدغام، ولو كانت فعلا لجرت مجرى "رد" في جواز الضم والكسر والإظهار، وأجيب بأن التزام أحد الجائزين لا يخرجها عن الفعلية، والتزام أحد الجائزين في كلام العرب كثير.
"ويجب الفك في: أفعل" بكسر العين، "في التعجب" بإجماع العرب محافظة "على الصيغة: سواء كان متصلا بالباء أم لا, فالأول "نحو: أشدد ببياض وجه المتقين, و" الثاني نحو: "أحبب إلى الله بالمحسنين"، بالفصل بالجار والمجرور. والأصل: أحبب بالمحسنين إلى الله، "وإذ سكن الحرف المدغم فيه لاتصاله بضمير الرفع" البارز "وجب فك الإدغام في لغة غير بكر بن وائل"، لأن ما قبل الضمير البارز المرتفع لا يكون إلا ساكنًا: "نحو: حللت، و: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ} [سبأ: 50] ، و: {شَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} [الإنسان: 28] والفرق بينه وبين نحو: "رد", و"لم يرد" حيث جاز فيه الفك والإدغام أن سكون المضارع المجزوم عارض، يزول، بزوال الجازم، والأمر محمول عليه، وسوى بينهم في لغة بكر بن وائل، قال سيبويه1، وزعم الخليل أن ناسًا من بكر ابن وائل يقولون: "ردن، ومدن، وردت" وهذه لغة ضعيفة كأنهم قدروا الإدغام قبل دخول النون والتاء، فأبقوا اللفظ على حاله بعد دخولهما.
"وقد يفك الإدغام في غير ذلك شذوذًا نحو: لححت عينه" بحاءين مهملتين أي: لصقت بالرمص، بفتح الميم، وهو وسخ يجتمع في الموق، فإن سال فهو عمص، وإن جمد فهو رمص، قاله في الصحاح2، "و: ألل السقاء"، أي: تغيرت رائحته، و"ضبب
__________
1 الكتاب 3/ 535.
2 الصحاح "رمص".

الصفحة 765