كتاب شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو (اسم الجزء: 2)

ابن رواحة الأنصاري رضي الله عنه: [من الرجز]
623-
فحبذا ربا وحب دينا
أي: وحبذا دينًا1، فحذف "ذا" ولم يتغير المعنى، ولا يُفعل ذلك بنحو "إذ ما" وأخواته من المركبات التي تغير حكمها بالترتيب، وهو قول ابن درستويه وابن برهان وابن خروف وابن كيسان وابن مالك2.
قيل: ولا يصح نسبته لظاهر كلام سيبويه والخليل، لأن سيبويه قال3 حكاية عن الخليل: ولكن "ذا" و"حب" بمنزلة كلمة واحدة نحو: "لولا" وهو اسم مرفوع، ألا ترى أنك لا تقول لا للمؤنث: حبذه. انتهى.
والمخصوص على هذا المذهب مبتدأ، والجملة من الفعل والفاعل خبره، والرابط بينهما اسم الإشارة، وقيل: مبتدأ محذوف الخبر، وقيل: عكسه، وقيل: عطف بيان، وقيل: بدل، "وقيل: ركبا، وغلبت الفعلية لتقدم الفعل، فصار الجميع فعلا" ماضيًا، "وما بعده" من المخصوص "فاعل"، والجملة فعلية، "وقيل: ركبا، وغلبت الاسمية لشرف الاسم فصار الجميع اسمًا مبتدأ وما بعده" من المخصوص "خبره"، والجملة اسمية.
وأصل الخلاف قولان: التركيب وعدمه، وينشأ عن التركيب قولان: فعلية4 الجميع أو اسميته، ولكل دليل على مدعاه، فاستدل مدعي التركيب بإفراد الإشارة وبلزوم الإفراد والتذكير وبامتناع الفصل5، ثم استدل مدعي غلبة الفعلية؛ وهو الأخفش وخطاب؛ بتغليب الجزء الأول وتغليب الأكثر حروفًا، وسلامة مدعيها مما6 لزم مدعي
__________
623- الرجز لابن رواحة في ديوانه ص107، ولسان العرب 14/ 67 "بدا"، والدرر 2/ 283، 284، والمقاصد النحوية 4/ 28، ولبعض الأنصار في شرح عمدة الحافظ ص802، وتاج العروس 1/ 138 "بدأ"، "بدى"، وجمهرة اللغة ص1019، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 31، وجمهرة اللغة ص1267، وشرح ابن الناظم ص340, وشرح الأشموني 2/ 382، وشرح التسهيل 3/ 24، والمخصص 10/ 42، وهمع الهوامع 2/ 88، 89.
1 قال ابن الناظم في شرحه 340: أي حبَّ عبادته دينًا. وذكر ضمير العبادة لتأولها بالدين والتعظيم.
2 انظر الارتشاف 3/ 29-31.
3 الكتاب 2/ 180.
4 في "ب": "بفعلية".
5 انظر شرح التسهيل 3/ 23.
6 في "ب": "ما".

الصفحة 89