كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

قال الرجل: وتبعته حين خرج، فقلت: أحق ما أخبرت ذا التاج؟ قال: نعم والله، فاتبعه، قال: فرجعت إلى أهلى فتكلفت الشخوص إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقدمت عليه مسلما، فأخبرته بكل ما كان، فحمد الله الذى هدانى.
ولم يسم فى حديث الواقدى هذا الرجل، إلا أن فيه أنه كان من طيئ، ثم من بنى نبهان.
وقد تقدم صدر هذا الكتاب أن عامر بن سلمة من بنى حنيفة رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أعوام ولاء فى الموسم بعكاظ وبمجنة وبذى المجاز يعرض نفسه على قبائل العرب، يدعوهم إلى الله وإلى أن ينصروه، حتى يبلغ عن الله فلا يستجيب له أحد، وإن هوذة بن على سأل عامرا بعد انصرافه عن الموسم إلى اليمامة فى أول عام عن ما كان فى موسمهم من خبر، فأخبره خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه رجل من قريش، فسأله هوذة: من أى قريش هو؟ فقال له عامر: من أوسطهم نسبا، من بنى عبد المطلب، قال هوذة: أهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب؟ فقال: هو هو، فقال هوذة: أما إن أمره سيظهر على ما هاهنا وغير ما هاهنا. ثم ذكر تكرر سؤال هوذة له عنه حتى ذكر له فى السنة الثالثة أنه رآه وأمره قد أمر، فقال له هوذة: هو الذى قلت لك، ولو أنا اتبعناه لكان خيرا لنا، ولكنا نضن بملكنا.
وأخبر عامر بذلك كله سليط بن عمرو، وقد مر به منصرفا عن هوذة إذ بعثه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسلم وأسلم عامر آخر حياة النبى صلى الله عليه وسلم ومات هوذة كافرا على نصرانيته.
ذكر كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبى شمر الغسانى مع شجاع بن وهب «1»
ذكر الواقدى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث شجاعا إلى الحارث بن أبى شمر، وهو بغوطة دمشق، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من الحديبية:
«بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله، إلى الحارث بن أبى شمر، سلام على
__________
(1) راجع: تاريخ الطبرى (3/ 644، 652) ، الروض الأنف للسهيلى (4/ 25، 251) ، المصباح المضىء لابن حديدة (2/ 314، 316) ، تاريخ اليعقوبى (2/ 78) .

الصفحة 22