كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

أرض البلقاء وفى كتاب ابن إسحاق: معان وما حولها من أرض الشام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كتب إلى هرقل وإلى الحارث بن أبى شمر، ولم يكتب إليه، فأسلم فروة، وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه، وبعث من عنده رسولا يقال له: مسعود بن سعد من قومه بكتاب مختوم فيه:
«بسم الله الرحمن الرحيم. لمحمد رسول الله النبى، إنى مقر بالإسلام مصدق به، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وإنه الذى بشر به عيسى ابن مريم. والسلام عليك» .
ثم بعث مع الرسول بغلة بيضاء يقال لها: فضة، وحماره يعفور، وفرسا يقال له:
الضرب، وبعث بأثواب من لين، وقباء من سندس مخوص بالذهب، فقدم الرسول فدفع الكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقترأه، وأمر بلالا أن ينزله ويكرمه، فلما أراد الخروج كتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم جواب كتابه:
«من محمد رسول الله، إلى فروة بن عمرو، سلام عليك، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، أما بعد. فإنه قدم علينا رسولك بكتابك فبلغ ما أرسلت به، وخبر عن ما قبلكم، وأنبأنا بإسلامك، وإن الله عز وجل قد هداك إن أصلحت وأطعت الله ورسوله وأقمت على الصلاة وآتيت الزكاة، والسلام عليك» .
ولما بلغ قيصر إسلام فروة بن عمرو بعث إليه فحبسه، ولما طال حبسه أرسلوا إليه:
أن ارجع إلى دينك ويعيد إليك ملكك، فقال: لا أفارق دين محمد أبدا، أما أنك تعرف أنه رسول الله، بشرك به عيسى ابن مريم، ولكنك ضننت بملكك وأحببت بقاءه. فقال قيصر: صدق والإنجيل.
وذكر الواقدى أنه مات فى ذلك الحبس، فلما مات صلبوه.
قال: فلما اجتمعت الروم لصلبه قال:
ألا هل أتى سلمى بأن حليلها ... على ماء عفرا فوق إحدى الرواحل «1»
على ناقة لم يضرب الفحل أمها ... مشذبة أطرافها بالمناجل «2»
وذكر ابن شهاب الزهرى أنهم لما قدموه ليقتلوه قال:
__________
(1) إحدى الرواحل: المراد بها الخشبة التى صلب عليها.
(2) مشذبة: قد أزيلت أغصانها.

الصفحة 27