كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

«بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين» «1» .
قال ابن إسحاق: وكان ذلك فى آخر سنة عشر «2» .
وقال أبو جعفر محمد بن جرير الطبرى: وقد قيل: إن دعوى مسيلمة ومن ادعى من الكذابين النبوة فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كانت بعد انصرافه من حجة التمام، ووقوعه فى المرض الذى توفاه الله فيه، فالله تعالى أعلم.
ذكر حجة الوداع «3» وتسمى أيضا حجة التمام، وحجة البلاغ
ولما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو القعدة من سنة عشر تجهز للحج، وأمر الناس بالجهاز له، وخرج لخمس ليال بقين من ذى القعدة، وقد كان أذن فى الناس أنه خارج، فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله.
قال جابر بن عبد الله: فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصرى بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل من شىء عملناه، فأهل بالتوحيد: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» «4» .
__________
(1) انظر الحديث فى: سنن البيهقى (9/ 211) ، مسند الإمام أحمد (3708) ، سنن أبى داود (3/ 2761) .
(2) انظر: السيرة (4/ 224) .
(3) عرفت باسم: حجة الوداع؛ وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسمى أيضا حجة الإسلام. انظر: لم يحج بعدها، إذ بدأ به مرضه الذى توفاه الله فيه، كما قيل: حجة البلاغ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أرى الناس مناسكهم وعلمهم حجهم، وقيل: حجة الإسلام؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد أن فرض الحج فى الإسلام غيرها. راجع: طبقات ابن سعد (2/ 172- 189) ، المغازى للواقدى (3/ 1088- 1115) ، الثقات لابن حبان (2/ 124- 129) .
(4) انظر الحديث فى: صحيح البخارى (2/ 170، 7/ 209) ، صحيح مسلم كتاب الحج، باب-

الصفحة 30