كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

اللهم هل بلغت؟» فذكر أن الناس قالوا: اللهم نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اشهد» «1» .
وفى حديث جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس فى خطبته: «وأنتم تسألون عنى، فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكبها إلى الناس: «اللهم اشهد، اللهم اشهد» ثلاث مرات، ثم إذن، ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئا، ثم ركب حتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل جبل المشاة بين يديه. واستقبل القبلة، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص، وأردف أسامة بن زيد خلفه، ودفع وقد شنق القصواء الزمام حتى أرسلها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: أيها الناس، السكينة، كلما أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى تصعد، ثم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئا، ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعا الله وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفا حتى اصفر جدا، فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن عباس حتى أتى بطن محر، فحرك قليلا، ثم سلك الطريق الوسطى التى تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التى عند الشجرة فرماها يسبع حصات، يكبر مع كل حصاة منها، رمى من بطن الوادى، ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده، ثم أعطى عليا فنحر ما غبروا شركة فى هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت فى قدر فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيت فى قدر فأفاض وصلى بمكة الظهر، فأتى بنى عبد المطلب وهم يسقون على زمزم، فقال: «انزعوا يا بنى عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم» «2» ، فناولوه دلوا، فشرب منه.
ويروى أن ربيعة بن أمية بن خلف هو الذى كان يصرخ فى الناس يقول رسول الله
__________
(1) انظر الحديث فى: صحيح مسلم (2/ 147/ 886- 892) ، سنن أبى داود (2/ 1905) .
(2) انظر الحديث فى: صحيح مسلم كتاب الحج (147) ، سنن أبى داود فى كتاب المناسك باب (57) ، سنن ابن ماجه (3074) ، مسند الإمام أحمد (1/ 76) ، السنن الكبرى للبيهقى (5/ 157) ، سنن الدارمى (2/ 49) ، الدر المنثور للسيوطى (1/ 226) ، البداية والنهاية لابن كثير (5/ 191) ، المنتقى لابن جارود (469) .

الصفحة 34