كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة، يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل: «أيها الناس، إن رسول الله يقول: هل تدرون أى شهر هذا؟» فيقوله لهم، فيقولون: الشهر الحرام، فيقول لهم: إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة شهركم هذا، ثم يقول: قل: أيها الناس، إن رسول الله يقول: «هل تدرون أى بلد هذا؟» قال: فيصرخ به، فيقولون: البلد الحرام، فيقول: قل لهم: «إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة بلدكم هذا» ، ثم يقول: «قل: يا أيها الناس، إن رسول الله يقول: هل تدرون أى يوم هذا؟» فيقول لهم، فيقولون: يوم الحج الأكبر، فيقول: «قل لهم: إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا» «1» .
وقال عمرو بن خارجة: وقفت تحت ناقة النبى صلى الله عليه وسلم وإن لعابها ليقع على رأسى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة، فسمعته وهو يقول: «أيها الناس، إن الله قد أدى إلى كل ذى حق حقه، فلا وصية لوارث، والولد للفراش، وللعاهر الحجر، ومن ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله له صرفا ولا عدلا» «2» .
ولما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة قال: «هذا الموقف، للجبل الذى هو عليه، «وكل عرفة موقف» .
وقال حين وقف على قزح صبيحة المزدلفة: «هذا الموقف، وكل المزدلفة موقف» .
ثم لما نحر بالمنحر بمنى قال: «هذا المنحر، وكل منى منحر» «3» .
فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج، وقد أراهم مناسكهم، وأعلمهم ما فرض عليهم من حجهم: من الموقف، ورمى الجمار، وطواف البيت، وما أحل لهم فى حجهم، وما حرم عليهم، فكانت حجة البلاغ، وحجة الوداع، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحج بعدها.
__________
(1) انظر الحديث فى: مستدرك الحاكم (1/ 473، 474) ، مجمع الزوائد للهيثمى (3/ 270) .
(2) انظر الحديث فى: سنن الترمذى (4/ 2121) ، سنن النسائى (6/ 3644) ، مسند الإمام أحمد (4/ 186، 238) .
(3) انظر الحديث فى: سنن أبى داود (2/ 1907، 1935) ، سنن ابن ماجه (2/ 3012) ، مسند الإمام أحمد (3/ 320، 321، 326) .

الصفحة 35