كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

لينوى فأغمى عليه، ثم أفاق، فقال: «أصلى الناس؟» قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، قال: «ضعوا لى ماء فى المخضب» ، فقعد فاغتسل ثم ذهب لينوى فأغمى عليه، ثم أفاق فقال: «أصلى الناس؟» «1» قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله عكوف فى المسجد ينتظرون النبى صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة فأرسل النبى صلى الله عليه وسلم إلى أبى بكر بأن يصلى بالناس، فأتاه الرسول فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلى بالناس، فقال أبو بكر وكان رجلا رقيقا: يا عمر صل بالناس، فقال له عمر: أنت أحق بذلك، فصلى أبو بكر تلك الأيام.
ومن حديث الأسود عن عائشة قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: «مروا أبا بكر فليصل بالناس» . قالت: فقلت: يا رسول الله، إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر، فقال: «مروا أبا بكر فليصل بالناس» ، قالت: فقلت لحفصة: قولى له: إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر، فقالت له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس» «2» ، قالت: فأمروا أبا بكر، فلما دخل فى الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة، فقام يهادى بين رجلين ورجلاه تخطان فى الأرض، فلما دخل المسجد وسمع أبو بكر حسه ذهب يتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أقم مكانك» ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبى بكر، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس جالسا، وأبو بكر قائما، يقتدى أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقتدى الناس بصلاة أبى بكر.
وعن عبد الله بن زمعة بن الأسود أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نفر من المسلمين لما استعز به ودعاه بلال إلى الصلاة، فقال: «مروا من يصلى بالناس» ، قال: فخرجت فإذا عمر فى الناس، وكان أبو بكر غائبا، فقلت: قم يا عمر فصل بالناس، فقام، فلما كبر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته وكان عمر رجلا مجهرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأين أبو بكر؟
__________
(1) انظر الحديث فى: صحيح البخارى (1/ 176) ، صحيح مسلم فى كتاب الصلاة (90) ، سنن النسائى (2/ 101) ، مسند الإمام أحمد (2/ 52، 6/ 251) ، سنن الدارمى (1/ 287) ، السنن الكبرى للبيهقى (1/ 123، 8/ 151) ، كنز العمال للمتقى الهندى (18838) ، دلائل النبوة للبيهقى (7/ 190) ، مصنف ابن أبى شيبة (2/ 331، 332، 14/ 560، 561) ، البداية والنهاية لابن كثير (5/ 233) ، طبقات ابن سعد (2/ 2/ 19) .
(2) انظر الحديث فى: مسند الإمام أحمد (6/ 228، 229) ، صحيح مسلم (1/ 94، 313) .

الصفحة 39