كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون» ، فبعث إلى أبى بكر، فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة، فصلى أبو بكر بالناس يريد ما بعد من الصلوات، فقال لى عمر:
ويحك، ماذا صنعت فى يا ابن زمعة والله ما ظننت حين أمرتنى إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك بذلك، ولولا ذلك ما صليت بالناس. قلت: والله ما أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، ولكنى حين لم أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة للناس «1» .
وعن أنس بن مالك قال: آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف الستارة يوم الاثنين والناس صفوف فى الصلاة، فنظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف، ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا، فبهتنا ونحن فى الصلاة من فرح بخروج النبى صلى الله عليه وسلم ونكص أبو بكر على عقبه ليصل الصف، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خارج للصلاة، فأشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده أن أتموا صلاتكم، ثم دخل فأرخى الستر، فتوفى من يومه ذلك.
وفى رواية عن أنس أن خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس كان وهم يصلون الصبح، وأنه لما رفع الستر وقام على باب عائشة، فكاد المسلمون يفتتنون فى صلاتهم فرحا به حين رأوه، قال: وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سرورا لما رأى من هيئتهم فى صلاتهم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن هيئة منه تلك الساعة.
قال: ثم رجع، وانصرف الناس وهم يرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أفرق من وجعه.
وعن سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم بكى، حتى بل دمعه الحصا، قلت: يا ابن عباس، وما يوم الخميس؟ قال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه، فقال: «ائتونى أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدى» ، فتنازعوا وما ينبغى عند نبى تنازع وقالوا: ما شأنه، أهجر، استفهموه، قال: «دعونى، فالذى أنا فيه خير، أوصيكم بثلاث، أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم» .
قال: وسكت عن الثالثة أو قالها فأنسيتها.
وفى حديث عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم لما حضر وفى البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال النبى صلى الله عليه وسلم: «هلم اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده» «2» ،
__________
(1) انظر الحديث فى: مستدرك الحاكم (3/ 641) ، سنن أبى داود (4/ 4660) .
(2) انظر الحديث فى: صحيح البخارى (7/ 156، 9/ 137) ، صحيح مسلم فى كتاب الوصية (22) ، مسند الإمام أحمد (1/ 324) ، طبقات ابن سعد (2/ 2/ 37) ، فتح البارى لابن حجر (13/ 336) .

الصفحة 40