كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

جبريل، ثم ميكائيل، ثم إسرافيل، ثم ملك الموت مع جنوده بأجمعهم مع الملائكة عليهم السلام، ثم ادخلوا على أفواجا فصلوا على وسلموا تسليما، ولا يؤمكم أحد ولا تؤذونى بتزكية ولا نصيحة ولا برنة، واقرؤا أنفسكم منى السلام، ومن كان غائبا من أصحابى فأبلغوه عنى السلام، وأشهدكم أنى قد سلمت على من دخل فى الإسلام وعلى من تابعنى على دينى من اليوم إلى يوم القيامة» . قلنا: فمن يدخلك قبرك يا رسول الله؟ قال:
«رجال أهل بيتى الأدنى فالأدنى مع ملائكة كثير يرونكم من حيث لا ترونهم» «1» .
وعن الفضل بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له وهو موعوك قد عصب رأسه: «خذ بيدى» «2» . قال: فأخذت بيده حتى جلس على المنبر، ثم قال: «ناد فى الناس» . فصحت فى الناس، فاجتمعوا إليه، فقال: «أما بعد، أيها الناس، فإنى أحمد إليكم الله الذى لا إله إلا هو، وإنه قد دنا منى خفوف من بين أظهركم، فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهرى فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضى فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالى فليأخذ منه، ولا يقل رجل: إنى أخشى الشحناء من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا وأن الشحناء ليست من طبيعتى، ولا من شأنى، ألا وإن أحبكم إلى من أخذ منى حقا إن كان له أو حللنى، فلقيت الله عز وجل وأنا طيب النفس، وقد أرى أن هذا غير مغن عنى حتى أقوم فيكم مرارا» . قال الفضل: ثم نزل فصلى الظهر، ثم رجع فجلس على المنبر فعاد لمقالته الأولى فى الشحناء وغيرها، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن لى عندك ثلاثة دراهم، فقال: «أما إنا لا نكذب قائلا، ولا نستحلفه على يمين، فيم كانت لك عندى؟» «3» فقال: يا رسول الله، أتذكر يوم مر بك المسكين فأمرتنى فأعطيته ثلاثة دراهم؟ فقال: «أعطه يا فضل» «4» ، ثم قال: «أيها الناس، من كان عنده شىء فليرده ولا يقل رجل: فضوح الدنيا، ألا وإن فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة» «5» . فقام رجل فقال: يا رسول الله، عندى ثلاثة دراهم غللتها فى سبيل الله، قال: «ولم غللتها؟» قال: كنت إليها محتاجا، قال: «خذها منه يا فضل» ، ثم قال: «من
__________
(1) انظر الحديث فى: إتحاف السادة المتقين للزبيدى (10/ 386) ، المطالب العالية لابن حجر (4392، 4393) ، حلية الأولياء لأبى نعيم (4/ 198) .
(2) انظر الحديث فى: السنن الكبرى للبيهقى (6/ 74) ، مجمع الزوائد للهيثمى (9/ 25) ، دلائل النبوة للبيهقى (7/ 179) ، البداية والنهاية لابن كثير (5/ 231) .
(3) انظر الحديث فى: ميزان الاعتدال (6855) ، المعجم الكبير للطبرانى (18/ 281) .
(4) انظر الحديث فى: السنن الكبرى للبيهقى (6/ 75) ، البداية والنهاية لابن كثير (5/ 231) .
(5) انظر الحديث فى: جمع الجوامع للسيوطى (9570) ، كنز العمال للمتقى الهندى (11051) .

الصفحة 42