كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

بحضرتكم، ولقد ذكر لى: أن صخرة ألقيت من شفير جهنم هوت سبعين خريفا، ولتملأنه، أفعجبتم! ولقد ذكر لى أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاما، وليأتين عليه يوم وله كظيظ من الرخام، ولقد رأيتنى وإنى لسابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق السمر، حتى تقرحت أشداقنا، والتقطت بردة فشققتها بينى وبين سعد، فما منا من أولئك السبعة من أحد إلا وهو أمير مصر من الأمصار، وستجربون الأمراء بعدنا.
وفى بعض ما ذكره الطبرى «1» من الأحاديث عن مقدم عتبة البصرة، وأنه نزل الخريبة، قال: وبالأبلة خمسمائة من الأساورة يحمونها، وكان مرفأ السفن من الصين وما دونها، فسار عتبة، فنزل دار الإجانة، فأقام نحوا من شهر، ثم خرج إليه أهل الأبلة فناهضهم عتبة، وجعل قطبة بن قتادة السدوسى، وقسامة بن زهير المازنى فى عشرة فوارس، وقال لهما: كونا فى ظهورنا، فتردا المنهزم، وتمنعا من أرادنا من ورائنا، ثم التقوا فما اقتتلوا مقدار جزر جزور وقسمها، حتى منحهم الله أكتافهم، وولوا منهزمين، حتى دخلوا المدينة، ورجع عتبة إلى عسكره فأقاموا أياما وألقى الله فى قلوبهم الرعب فخرجوا عن المدينة، وحملوا ما خف لهم، وعبروا إلى الفرات، وخلوا المدينة، فدخلها المسلمون فأصابوا متاعا وسلاحا وسبيا وعينا، فاقتسموا العين، فأصاب كل رجل منهم درهمان، وولى نافع بن الحارث أقباض الأبلة، فأخرج خمسه ثم قسم الباقى بين من أفاء الله عليه، وكتب بذلك مع نافع بن الحارث.
وقال داود بن أبى هند: أصاب المسلمون بالأبلة من الدراهم ستمائة درهم، فأخذ كل رجل درهمين، ففرض عمر لأصحاب الدرهمين فى ألفين من العطاء.
وقال الشعبى «2» : شهد فتح الأبلة مائتان وسبعون، فيهم أبو بكرة، نفيع بن الحارث، وشبل بن معبد، والمغيرة بن شعبة، ومجاشع بن مسعود، وأبو مريم البلوى.
وفى حديث يروى عن عمرة ابنة قيس «3» : أنه لما خرج الناس لقتال أهل الأبلة، وكانوا حيالها، قالوا للعدو: نعبر إليكم أو تعبرون إلينا؟ قال: اعبروا إلينا، فأخذوا خشب العشر فأوثقوه، وعبروا، فقال المشركون: لا تأخذوا أولهم حتى يعبر آخرهم،
__________
(1) انظر: الطبرى (3/ 594) .
(2) انظر: الطبرى (3/ 595) .
(3) انظر: الطبرى (3/ 597) .

الصفحة 538