كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

ابن الجراح ووضع يديه عليهما، وكان قائما بينهما فكلاهما قد رضيته للقيام بهذا الأمر، ورأيته أهلا لذلك.
فقال عمر وأبو عبيدة: ما ينبغى لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون فوقك يا أبا بكر، أنت صاحب الغار مع رسول الله، وثانى اثنين، وأمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتكى فصليت بالناس، فأنت أحق بهذا الأمر.
قالت الأنصار: والله ما نحسدكم على خير ساقه الله إليكم، وما خلق الله قوما أحب إلينا ولا أعز علينا منكم، ولا أرضى عندنا هديا، ولكنا نشفق بعد اليوم، فلو جعلتم اليوم رجلا منكم فإذا مات أخذنا رجلا من الأنصار فجعلناه، فإذا مات أخذنا رجلا من المهاجرين فجعلناه، فكنا كذلك أبدا ما بقيت هذه الأمة بايعناكم ورضينا بذلك من أمركم، وكان ذلك أجدر إن يشفق القرشى إن زاغ أن ينقض عليه الأنصارى، وأن يشفق الأنصارى إن زاغ أن ينقض عليه القرشى.
فقال عمر: لا ينبغى هذا الأمر ولا يصلح إلا لرجل من قريش، ولن ترضى العرب إلا به، ولن تعرف العرب الإمارة، إلا له، ولن تصلح إلا عليه، والله لا يخالفنا أحد إلا قتلناه.
فقام الحباب بن المنذر من بنى سلمة «1» ، فقال: منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش، أنا جذيلها المحك وعذيقها المرجب، دفت علينا منكم دافة أرادوا أن يخرجونا من أصلنا ويختصونا من هذا الأمر، وإن شئتم كررناها جزعة.
فكثر القول حتى كادت الحرب تقع بينهم، وأوعد بعضهم بعضا، ثم تراد المسلمون وعصم الله لهم دينهم، فرجعوا بقول حسن، وسلموا الأمر لله وعصوا الشيطان، ووثب عمر فأخذ بيد أبى بكر وقام أسيد بن حضير الأشهلى «2» وبشير بن سعد أبو النعمان بن
__________
(1) انظر ترجمته فى: الأنساب (3/ 278) ، الإصابة ترجمة رقم (1557) ، أسد الغابة ترجمة رقم (1023) .
(2) انظر ترجمته فى: الإصابة ترجمة رقم (185) ، أسد الغابة ترجمة رقم (170) ، تجريد أسماء الصحابة (1/ 21) ، الثقات (3/ 6) ، الإكمال (2/ 482) ، تهذيب الكمال (1/ 113) ، الطبقات (77) ، تقريب التهذيب (1/ 78) ، بقى بن مخلد (136) ، خلاصة تذهيب الكمال (1/ 98) ، الوافى بالوفيات (9/ 258، 1/ 328) ، تهذيب التهذيب (1/ 347) ، الكاشف (1/ 133) ، الجرح والتعديل (2/ 1163) ، التاريخ الكبير (2/ 47) ، البداية والنهاية (7/ 101) ، الأنساب (1/ 278) .

الصفحة 54