كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

حديث فتح الأهواز ومدينة سرق
واتصل ما بين أهل البصرة وبين أهل ذمتهم، على ما ذكر، إلى أن وقع بين الهرمزان وبين غالب وكليب فى حدود الأرضين اختلاف، فحضر سلمى وحرملة لينظرا فيما بينهم، فوجدا غالبا وكليبا محقين، والهرمزان مبطلا، فحالا بينه وبينهما، فكفر الهرمزان، ومنع ما قبله، واستعان بالأكراد، فكثف جنده، وكتبوا ببغيه وكفره إلى عتبة، فكتب بذلك إلى عمر، فأمدهم عمر بحرقوص بن زهير السعدى، وكانت له صحبة، وأمره على القتال، وعلى ما غلب عليه. فنهدوا معه، ونهد الهرمزان بمن معه حتى إذا انتهوا إلى جسر سوق الأهواز عبر الهرمزان فوق الجسر، بعد أن خيرهم، فقالوا له: اعبر، فاقتتلوا هنالك، فهزم الله الهرمزان، ووجه نحو رامهرمز، وافتتح حرقوص سوق الأهواز، فأقام بها، ونزل الجبل، واتسقت له بلاد سوق الأهواز إلى تستر، ووضع الجزية، وكتب بالفتح والأخماس إلى عمر، فحمد الله، ودعا له بالثبات والزيادة.
وكان عمر، رضى الله عنه، قد عهد إلى حرقوص: إن فتح الله عليهم أن يبعث جزء بن معاوية فى أثر الهرمزان، وهو متوجه إلى رامهرمز، فما زال يقاتلهم حتى انتهى إلى قرية الشغر، وأعجزهم بها الهرمزان، فمال منها جزء إلى دورق، ومدينة سرق فيها قوم لا يطيقون منعها، فأخذها صافية، ودعا من هرب إلى الجزاء والمنعة، فأجابوه، وكتب بذلك كله إلى عمر وإلى عتبة، فكتب عمر، رحمه الله، إلى جزء وإلى حرقوص بلزوم ما غلبا عليه، والمقام حتى يأتيهما أمره، ففعلا، واستأذنه جزء فى عمران ما دثر، فأذن له، فشق الأنهار، وعمر الموات.
ولما نزل الهرمزان رامهمرمز وضاقت عليه الأهواز بالمسلمين، طلب الصلح وراسل فيه حرقوصا وجزآ، فكتب فيه حرقوص إلى عمر، فكتب إليه وإلى عتبة، يأمر بقبول صلح الهرمزان على ما لم يفتتحوا من البلاد، على رامهرمز وتستر والسوس وجندى سابور والبنيان ومهرجان نقذق، فقبل ذلك الهرمزان، وأجابهم إليه، فأقام أمراء الأهواز على ما أسند إليهم عمر، وأقام الهرمزان على صلحه يجبى إليهم ويمنعونه، وإن غاوره أكراد فارس أعانوه وذبوا عنه.
وكتب عمر إلى عتبة أن يوفد عليه عشرة من صالحاء جند البصرة، فوفد إليه منهم عشرة، فيهم الأحنف بن قيس، فلما قدموا عليه، قال للأحنف: إنك عندى مصدق، وقد رأيتك رجلا، فأخبرنى: أظلمت الذمة، ألمظلمة نفروا، أم لغير ذلك؟ فقال: بل لغير مظلمة، والناس على ما تحب، قال: فنعم إذا انصرفوا إلى رحالكم.

الصفحة 546