كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)
وحرملة بن مريطة، وزر بن كليب والمقترب بن ربيعة، والقواد الذين كانوا بين فارس والأهواز أن اشغلوا فارس عن إخوانكم، وحوطوا بذلك أمتكم وأرضكم، وأقيموا على حدود ما بين فارس والأهواز حتى يأتيكم أمرى، وبعث مجاشع بن مسعود إلى الأهواز، وقال له: أفصل منها على ماه، ففعلوا ما أمرهم به، وقطعوا بذلك على أهل نهاوند أمداد فارس.
وفيه «1» أن النعمان لما أتاه طليحة بخبر نهاوند وأعلمه أنه ليس بينه وبينها أحد ولا شىء يكرهه، وقد توافى إليه أمداد المدينة، نادى عند ذلك بالرحيل، وبعث إلى مجاشع أن يسوق الناس، وسار النعمان على تعبئته، وعلى مقدمته أخوه نعيم، وعلى مجنبتيه أخوه سويد وحذيفة بن اليمان، وعلى المجردة القعقاع، وعلى الساقة مجاشع، فانتهوا إلى الأسبيذهان والفرس به وقوف على تعبئتهم وأميرهم الفيرزان، وقد توافى إليه نهاوند كل من غاب عن القادسية والأيام من أهل الثغور وأمرائها وأعلام من أعلامهم ليسوا بدون من شهد الأيام والقوادس.
فلما رآهم النعمان كبر ثلاثا وكبر الناس معه، فزلزلت الأعاجم، وأمر النعمان وهو واقف بحط الأثقال، وبضرب الفسطاط، فضرب وهو واقف، وابتدره أشراف أهل الكوفة وأعيانهم، فسبق إليه عدة منهم سابقوا أكفاءهم فسبقوهم، وهم أربعة عشر رجلا: حذيفة بن اليمان، وعقبة بن عمرو، والمغيرة بن شعبة، وبشير بن الخصاصية، وحنظلة بن الربيع الكاتب، وابن الهدير، وربعى بن عامر، وعامر بن مطر، وجرير بن عبد الله الحميرى، وجرير البجلى، والأشعث بن قيس، والأقرع بن عبد الله الحميرى، وسعيد بن قيس الهمدانى، ووائل بن حجر، فلم ير بناة فسطاط بالعراق كهؤلاء.
وأنشب النعمان القتال، فاقتتلوا يوم الأربعاء ويوم الخميس، والحرب بينهم فى ذلك سجال، ثم انحجزوا فى خنادقهم يوم الجمعة، وحصرهم المسلمون، فأقاموا عليهم ما شاء الله والأعاجم بالخيار، لا يخرجون إلا إذا أرادوا الخروج، فاشتد ذلك على المسلمين وخافوا أن يطول أمرهم، وأحبوا المناجزة، فتجمع أهل الرأى من المسلمين، وأتوا النعمان فى ذلك فوافقوه وتروى فى الذى رووا فيه، فقال: على رسلكم، لا تبرحوا، ثم بعث إلى من بقى ممن لم يأته من أهل النجدات والرأى فى الحرب، فتوافوا إليه، فتكلم النعمان، فقال: قد ترون المشركين واعتصامهم بالحصون من الخنادق والمدائن، وأنهم لا يخرجون إلا إذا شاؤا، ولا يقدر المسلمون على إنغاضهم وانبعاثهم قبل مشيئتهم، وهم
__________
(1) انظر: الطبرى (4/ 128) .