كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)
أميركم حتى أصالحه على هذه الأرض وأؤدى إليه الجزية، واسألنى أنت عن أسارك ما شئت، وقد مننت علىّ إذ لم تقتلنى، وإنما أنا عبدك الآن، وإن أدخلتنى على الملك فأصلحت ما بينى وبينه وجدت لى شكرا، وكنت لى أخا، فخلى سبيله وآمنه، وقال:
من أنت؟ قال: أنا دينار، والبيت يومئذ فى آل قارن، فأتى به حذيفة فحدثه دينار عن نجدة سماك وما قتل، وصالحه على الخراج، فنسبت إليه ماه، فكان بعد يواصل سماكا ويهدى له، ويوافى الكوفة، فقدمها فى إمارة معاوية مرة، فقال للناس: يا معشر أهل الكوفة، إنكم أول ما مررتم بنا كنتم خيار الناس، فعمرتم بذلك زمان عمر وعثمان، ثم تغيرتم وفشت فيكم خصال أربع: بخل وخب وغدر وضيق، ولم تكن فيكم واحدة منهن، فرمقتكم، فإذا ذلك فى مولديكم، فعلمت من أين أتى ذلك، وإذ الخب من قبل النبط، والبخل من قبل فارس، والغدر من قبل خراسان، والضيق من قبل الأهواز.
وقسم حذيفة لمن خلفوا بمرج القلعة وغيره، ولأهل المسالح جميعا من فىء نهاوند مثل الذى قسم لأهل المعركة؛ لأنهم كانوا ردآ للمسلمين، وكان سهم الفارس يوم نهاوند ستة آلاف، وسهم الراجل ألفين، ونفل حذيفة من الأخماس من شاء من أهل البلاء، ودفع ما بقى منها إلى السائب، فخرج بها إلى عمر، وتململ عمر، رضى الله عنه، تلك الليلة التى كان قدر لملاقاتهم، وجعل يخرج ويلتمس الخبر، فبينا رجل من المسلمين قد خرج فى بعض حوائجه، فرجع إلى المدينة ليلا، لحق به راكب فى الليلة الثالثة من يوم نهاوند يريد المدينة، فقال له الرجل: يا عبد الله، من أين أقبلت؟ فقال: من نهاوند، فقال: الخبر؟ قال: فتح الله على النعمان واستشهد، واقتسم المسلمون فىء نهاوند، فأصاب الفارس منه ستة آلاف، وطواه الراكب حتى انغمس فى المدينة، فلما أصبح الرجل تحدث بحديثه، ونمى الخبر حتى بلغ عمر، رحمه الله، وهو فيما هو فيه، فأرسل إليه، فسأله فأخبره، فقال: صدق وصدقت، هذا غيثم بريد الجن، وقد رأى بريد الإنس، فقدم بعد ذلك عليه بالفتح طريف بن سهم، أخو ربيعة بن مالك، وقدم السائب على أثره بالأخماس.
وذكر من حديث السفطين قريبا مما تقدم فى الحديث الآخر، إلا أنه ذكر فيه أنه صرف معه السفطين من فوره وقال له: النجاء النجاء، عودك على بدئك حتى تأتى حذيفة فيقسمهما على من أفاءهما الله عليه، وأنه أصاب الفارس منهما لما باعهما حذيفة وقسم ثمنهما أربعة آلاف.