كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

به ما يقولون، إلا ما كان من الأحنف بن قيس، فإنه قال: يا أمير المؤمنين، أخبرك أنك نهيتنا عن الانسياح فى البلاد، وأمرتنا بالاقتصار على ما كان فى أيدينا، وأن ملك فارس حى بين أظهرهم، وأنهم لا يزالون يساجلوننا ما دام ملكهم فيهم، ولم يجتمع ملكان فاتفقا حتى يخرج أحدهما صاحبه، وقد رأيت أنا لم نأخذ شيئا بعد شىء إلا بانبعاثهم، وأن ملكهم هو الذى يبعثهم، ولا يزال هذا دأبهم حتى تأذن لنا فنسيح فى بلادهم حتى نزيله عن فارس ونخرجه من مملكته وعن أمته، فهنالك ينقطع رجاء أهل فارس.
فقال: صدقتنى والله وشرحت لى الأمر عن حقه، وأذن عمر عند ذلك فى الانسياح، وانتهى إلى رأى الأحنف، وعرف فضله وصدقه، ورأى أن يزدجرد يبعث عليه فى كل عام حربا إن لم يأذن للناس فى الانسياح فى أرض العجم، ورأى أن يزدجرد على ما كان فى يدى كسرى، فوجه عمر، رضى الله عنه، الأمراء من أهل البصرة ومن أهل الكوفة، وأمر على كلا المصرين أمراء، أمرهم بأمره، وأذن لهم فى الانسياح، فانساحوا وبعث بألوية من ولى مع سهيل بن عدى حليف بنى عبد الأشهل، فقدم سهيل البصرة بالألوية، فدفع لواء خراسان إلى الأحنف بن قيس، ولواء أردشير خره وسابور إلى مجاشع ابن مسعود السلمى، ولواء اصطخر إلى عثمان بن أبى العاص، ولواء فسا ودرابجرد إلى سارية بن زنيم الكنانى، ولواء كرمان مع سهيل بن عدى، ولواء سجستان إلى عاصم بن عمرو، ولواء مكران إلى الحكم بن عمرو التغلبى، فعسكروا ليخرجوا إلى هذه الكور، وذلك فى سنة سبع عشرة فى بعض ما ذكره الطبرى عن سيف عن شيوخه. قالوا: فلم يستتب مسيرهم حتى دخلت سنة ثمان عشرة.
وذكر الطبرى أيضا، عن سيف أن إذن عمر فى الانسياح إنما كان بعد فتح نهاوند، وهذا لا يكون إلا فى سنة تسع عشرة أو بعدها، على ما ذكرنا من الاختلاف فى فتح نهاوند.
وذكر أيضا أنه قدمت الألوية من عند عمر، رحمه الله، إلى نفر بالكوفة، فقدم لواء منها على نعيم بن مقرن، وأمره بالمسير نحو همدان، وكان أهلها كفروا بعد الصلح الذى تقدم ذكره بعد هزيمة فارس بنهاوند، وقال له: إن فتح الله عليك فما وراءك لك، فى وجهك كذلك إلى خراسان، وبعث عقبة بن فرقد وبكير بن عبد الله، وعقد لهما على أذربيجان وفرقها بينهما، وأمر أحدهما أن يأخذ إليها من حلوان على ميمنتها، والآخر أن يأخذ إليها من الموصل على ميسرتها، فتيامن هذا عن صاحبه، وتياسر هذا، وبعث إلى عبد الله بن عبد الله بن عتبان بلواء، وأمره أن يسير إلى أصبهان، وكان شجاعا بطلا،

الصفحة 573