كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)
من أشراف الصحابة، ومن وجوه الأنصار، وأمده بأبى موسى من البصرة، وأمّر مكانه على البصرة عمر بن سراقة، وكان عبد الله خليفة سعد على الكوفة عند ما توجه إلى عمر، فأقره عمر مستعملا عليها، ثم صرفه عنها بزياد بن حنظلة، وكتب إليه عند ما أراد توجيهه إلى أصبهان أن سر من الكوفة حتى تنزل المدائن، فاندبهم ولا تنتخبهم، ثم اكتب إلىّ بذلك، فلما أتى عمر انبعاث عبد الله، بعث حينئذ زياد بن حنظلة على الكوفة، فلما أتاه انبعاث الجنود وانسياحهم، أمّر عمار بن ياسر على الكوفة، وقرأ قول الله تعالى: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ [القصص: 5] .
ويروى أن زيادا ألح على عمر فى الاستعفاء بعد أن عمل قليلا فأعفاه وولى عمارا، وكان زياد من المهاجرين.
ولما بعث عمر، رضى الله عنه، عمارا على الكوفة بعث عبد الله بن مسعود ليعلم الناس، وكتب إلى أهل الكوفة: إنى بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرا، وجعلت عبد الله ابن مسعود معلما ووزيرا، وهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وفى رواية: ووليت حذيفة بن اليمان ما سقت دجلة وما وراءها، ووليت عثمان بن حنيف الفرات وما سقى.
وسنذكر إن شاء الله الجهات والكور التى عقد عليها عمر، رضى الله عنه، الألوية لمن ذكر قبل من أمرائه جهة جهة وبلدا بلدا، غير متقلدين فى ذلك تاريخا ولا متبرئين فيه من عهدة الخطأ فى تقديم مؤخر أو تأخير مقدم، لكثرة ما بين أهل الأخبار فى ذلك من الاختلاف الذى لا يتحصل معه حقيقة سوى المقصود من صنع الله لأوليائه فى إظهار كلمة الإسلام ونصره إياهم على كل من ناوأهم من الأمم تتميما لأمره وإنجازا لموعوده وتصديقا فى كل زمان ومكان لقوله: وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 40] .
ذكر الخبر عن أصبهان «1»
فأما أصبهان، فإن عبد الله بن عبد الله بن عتبان خرج إليها بأمر عمر، رضى الله عنه، وعلى مقدمته عبد الله بن ورقاء الرياحى، وعلى مجنبتيه عبد الله بن بديل بن ورقاء
__________
(1) انظر الخبر فى: الطبرى (4/ 139- 141) ، الكامل فى التاريخ لابن الأثير (3/ 8، 9) .