كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)
الأسدى، وليس الخزاعى، وعصمة بن عبد الله، وسار عبد الله فى الناس نحو جىّ وقد اجتمع أهل أصبهان عليهم الأستندار، وعلى مقدمته شهربراز جاذويه، شيخ كبير فى جمع عظيم، فالتقى المسلمون ومقدمة المشركين برستاق من رساتيق أصبهان، فاقتتلوا قتالا شديدا، ودعا الشيخ إلى البراز، فبرز له عبد الله بن ورقاء، فقتله وانهزم أهل أصبهان، وسمى المسلمون ذلك الرستاق رستاق الشيخ، فما زال ذلك اسمه بعد.
ودعى عبد الله من يليه فسارع الأستندار إلى الصلح، فصالحه عبد الله، ثم سار من رستاق الشيخ نحو جىّ فانتهى إليها، وبها يومئذ ملك أصبهان الفاذوسفان فى جمعه، فحاصرهم عبد الله، وخرجوا إليه، فلما التقوا، قال له ملكهم: لا تقتل أصحابى ولا أقتل أصحابك، ولكن ابرز إلىّ، فإن قتلتك رجع أصحابك، وإن قتلتنى سالمك أصحابى، وإن كان أصحابى لا تقع لهم نشابة إلا فى رجل، فبرز له عبد الله، وقال: إما أن تحمل علىّ، وإما أن أحمل عليك، فقال: أحمل عليك، فوقف له عبد الله، فحمل عليه الفاذوسفان، فطعنه، فأصاب قربوس السرج فكسره، وقطع اللبد والحزام، وزال اللبد والسرج، فوقع عبد الله قائما، ثم استوى على الفرس عريا، وقال له: اثبت، فحاجزه وقال: ما أحب أن أقاتلك، فإنى قد رأيتك رجلا كاملا، ولكن ارجع معك إلى عسكرك فأصالحك وأدفع المدينة إليك على أن من شاء أقام وأدى الجزية وقام على ماله، وعلى أن تجرى مجراهم من أخذتم ماله عنوة ويتراجعون، ومن أبى أن يدخل فيما دخلنا فيه ذهب حيث شاء ولكم أرضه.
فقال له عبد الله: لكم ذلك، فرجع القوم إلى جىّ، إلا ثلاثين رجلا من أصبهان خالفوا قومهم، فخرجوا فلحقوا بكرمان، ودخل عبد الله وأبو موسى حيا، مدينة أصبهان، وإنما وصل إليه أبو موسى من ناحية الأهواز بعد الصلح، واغتبط من أقام، وندم من شخص.
وكتب عبد الله بالفتح إلى عمر، فأمره أن يلحق بسهيل بن عدى فيجتمع معه على قتال من بكرمان، وأن يستخلف على أصبهان السائب بن الأقرع، ففعل عبد الله ما أمره به، وخرج فى جريدة خيل فلحق بسهيل قبل أن يصل إلى كرمان، وسيأتى ذكر فتحها بعد إن شاء الله.
والكتاب الذى كتبه عبد الله لأهل أصبهان:
بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب من عبد الله للفاذوسفان وأهل أصبهان وما حواليها،