كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

إنكم آمنون ما أديتم الجزية، وعليكم من الجزية على قدر طاقتكم كل سنة تؤدونها إلى الذى يلى بلادكم عن كل حالم، ودلالة المسلم وإصلاح طريقه وقراه يوما وليلة، وحملان الراجل إلى مرحلة، ولا تسلطوا على مسلم، وللمسلمين نصحكم وأداء ما عليكم، ولكم الأمان ما فعلتم، فإذا غيرتم شيئا أو غيره مغير منكم ولم تسلموه فلا أمان لكم، ومن سب مسلما بلغ منه، فإن ضربه قتلناه. وكتب وشهد عبد الله بن قيس، وعبد الله بن ورقاء، وعصمة بن عبد الله.
ذكر فتح همذان ثانية وقتال الديلم «1»
وقد كان حذيفة اتبع فالة نهاوند نعيم بن مقرن والقعقاع بن عمرو، فبلغا همذان فصالحهم خشروشنوم على همذان ودستبى، فرجعوا عنه، ثم إن أهل همذان كفروا بعد ونقضوا ذلك الصلح، فكتب عمر، رحمه الله، إلى نعيم بن مقرن: أن سر حتى تأتى همذان، وابعث على مقدمتك سويد بن مقرن، وعلى مجنبتيك ربعى بن عامر ومهلهل بن زيد، هذا طائى، وذاك تميمى، فخرج نعيم فى تعبئته فسار حتى نزل مدينة همذان وقد تحصنوا، فحاصرهم وأخذ ما بينها وبين جرميذان، واستولى على بلاد همذان كلها.
فلما رأى ذلك أهل المدينة سألوا الصلح، على أن يجريهم ومن استجاب له مجرى واحدا، ففعل، وقبل منهم الجزاء على المنعة، وفرق دستبى بين النفر من أهل الكوفة، بين عصمة بن عبد الله الضبى، ومهلهل بن زيد الطائى، وسماك بن عبيد العبسى، وسماك ابن مخرمة الأسدى، وسماك بن خرشة الأنصارى، فكان هؤلاء أول من ولى مسالح دستبى وقاتل الديلم.
فبينا نعيم فى مدينة همذان فى توطئتها فى اثنى عشر ألفا من الجند تكاتب الديلم وأهل الرى وأهل أذربيجان، ثم خرج موثا فى الديلم حتى ينزل بواج الروذ، وأقبل أبو الفرخان فى أهل الرى، حتى انضم إليه، وأقبل أخو رستم فى أهل أذربيجان حتى انضم إليه، وتحصن أمراء مسلح دستبى وبعثوا إلى نعيم بالخبر، فاستخلف يزيد بن قيس، وخرج إليهم فى الناس حتى نزل عليهم بواج الروذ، فاقتتلوا بها قتالا شديدا، وقتل القوم مقتلة عظيمة لم تكن دون وقعة نهاوند، ولا قصرت ملحمتهم عن الملاحم الكبار، وقد
__________
(1) انظر الخبر فى: الطبرى (4/ 146- 149) ، الكامل لابن الأثير (3/ 7، 8) ، البداية والنهاية لابن كثير (7/ 120- 122) .

الصفحة 576