كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)
كانوا كتبوا إلى عمر، رحمه الله، باجتماعهم، ففزع عمر واهتم لحربهم، وتوقع ما يأتيه عنهم، فلم يفجأه إلا البريد بالبشارة، فقال: أبشير؟ فقال: بل عروة، فلما ثنى عليه:
أبشير؟ فهم عنه ما أراد، فقال: بشير، فقال عمر: رسول نعيم؟ قال: رسول نعيم، قال:
الخبر؟ قال: البشرى بالفتح والنصر، وأخبره الخبر، فحمد الله، وأمر بالكتاب فقرئ على الناس، فحمد الله تعالى، ثم قدم عليه بالأخماس سماك بن مخرمة، وسماك بن عبيد، وسماك بن خرشة فى نفر من أهل الكوفة، فنسبهم، فانتسبوا له، فقال: بارك الله فيكم، اللهم أسمك بهم الإسلام وأيدهم بالإسلام، ثم كتب إلى نعيم:
أما بعد، فاستخلف على همذان وآمد بكير بن عبد الله بن سماك بن خرشة، وسر حتى تقدم الرى فتلقى جمعهم، ثم أقم بها، فإنها أوسط تلك البلاد وأجمعها لما تريد.
فأقر نعيم يزيد بن قيس على همذان، وسار بالناس من واج الروذ إلى الرى.
وقال نعيم يذكر قتالهم فى واج الروذ من أبيات:
صدمناهم فى واج روذ بجمعنا ... غداة رميناهم بإحدى القواصم
فما صبروا فى حومة الموت ساعة ... لجد الرماح والسيوف الصوارم
أصبنا بها موثا ومن لف جمعه ... وفيها نهاب قسمها غير عاتم
تبعناهم حتى أووا فى شعابهم ... نقتلهم قتل الكلاب الحوائم
كأنهم عند انثياب جموعهم ... جدار تشظى لبنه للهوادم
وقال سماك بن مخرمة الأسدى بعد تلك الأيام «1» :
برزت لأهل القادسية معلما ... وما كل من يلقى الكريهة يعلم
وقومى بنو عمرو بن نصر كأنهم ... أسود بتوج حين شبوا وأسلموا
ويوم بأكناف النخيلة قبلها ... لججت فلم أبرح أدمى وأكلم
وأقعص منهم فارسا بعد فارس ... وما كل من يغشى الكريهة يسلم
فنجانى الله الأجل وجرأتى ... وسيف لأطراف المآرب مخذم
وحولى بنو ذودان لا يبرحوننى ... إذا سرحت صاحوا بهم ثم صمموا
وأيقنت يوم الديلميين أنه ... متى ينصرف قومى عن الناس يهزم
محافظة إنى امرؤ ذو حفيظة ... إذا لم أجد مستأخرا أتقدم
__________
(1) انظر الأبيات فى: الطبرى (4/ 149) ، البداية والنهاية لابن كثير (7/ 121) .