كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

ما لى به طاقة ولا يدان إلا بتقوية الله، ولوددت أن أقوى الناس عليها مكانى اليوم.
فقبل المهاجرون منه ما قاله واعتذر به، وقال على والزبير: ما غضبنا إلا أنا أخرنا عن المشورة، وإنا لنرى أن أبا بكر أحق الناس بها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لصاحب الغار وثانى اثنين، وإنا لنعرف له شرفه وسنه، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة بالناس وهو حى.
وذكر غير ابن عقبة أن أبا بكر رضى الله عنه قام فى الناس بعد مبايعتهم إياه يقيلهم فى بيعتهم ويستقيلهم فيما تحمله من أمرهم ويعيد ذلك عليهم، كل ذلك يقولون له:
والله لا نقيلك ولا نستقيلك، قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذا يؤخرك.
ولم يبدأ أبو بكر رضى الله عنه بعد أن فرغ أمر البيعة واطمأن الناس بشىء من النظر قبل إنفاذ بعث أسامة، فقال له: امض لوجهك الذى بعثك له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه رجال من المهاجرين والأنصار وقالوا: أمسك أسامة وبعثه، فإنا نخشى أن تميل علينا العرب إذا سمعوا بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر وكان أفضلهم رأيا: أنا أحتبس بعثا بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد اجترأت إذ على أمر عظيم، والذى نفسى بيده لأن تميل العرب على أحب إلى من أن احتبس جيشا أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. امض يا أسامة فى جيشك للوجه الذى أمرت به، ثم اغز حيث أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم من ناحية فلسطين، وعلى أهل مؤتة فإن الله سيكفى ما تركت، ولكن إن رأيت أن تأذن لعمر بن الخطاب بالتخلف لأستشيره وأستعين برأيه فإنه ذو رأى ونصيحة للإسلام وأهله فعلت. ففعل أسامة وأذن لعمر، فأقام بالمدينة مع أبى بكر رضى الله عنهم أجمعين.
ذكر غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنه، وما يتصل بذلك من أمره صلوات الله عليه وسلامه ورحمته وبركاته
ولما فرغ الناس من بيعة أبى بكر الصديق رضى الله عنه وجمعهم الله عليه وصرف عنهم كيد الشيطان أقبلوا على تجهيز نبيهم صلى الله عليه وسلم والاشتغال به.
قالت عائشة رضى الله عنها: لما أرادوا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا فيه، فقالوا: والله ما ندرى، أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا، أو نغسله وعليه ثيابه؟ قالت:
فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا ذقنه فى صدره، وكلمهم

الصفحة 58