كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

ذكر فتح طبرستان
وراسل الأصبهبذ سويدا فى الصلح على أن يتوادعا، ويجعل له شيئا على غير نصرة ولا معونة على أحد، فقبل ذلك منه، وكتب له:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من سويد بن مقرن للفرخان اصبهبذ خراسان على طبرستان وجبل جيلان، إنك آمن بأمان الله على أن تكف نصرتك وأهل حواشى أرضك، ولا تؤوى لنا بغية وتتقى من ولى فرج أرضك بخمسمائة ألف درهم من دراهم أرضك، فإذا فعلت ذلك فليس لأحد منا أن يغير عليك، ولا أن يتطوف أرضك، ولا يدخل عليك إلا بإذنك، سبيلنا عليكم بالإذن آمنة، وكذلك سبيلكم، ولا تسألون لنا إلى عدو ولا تغلون، فإن فعلتم فلا عهد بيننا وبينكم «1» .
فتح أذربيجان
ولما «2» افتتح نعيم همذان ثانية، وسار إلى الرى كتب إلى عمر: أن يبعث سماك بن خرشة الأنصارى، وليس بأبى دجانة، ممدا لبكير بن عبد الله بأذربيجان، وكان عمر قد فرق أذربيجان بين بكير وبين عتبة بن فرقد، وأمر كل واحد منهما بطريق غير طريق صاحبه، فسار بكير حين بعث إليها حتى إذا طلع بحيال جرميذان، طلع عليه اسفندياذ بن الفرخزاد مهزوما من واج روز، فكان أول قتال لقيه بكير بأذربيجان، فاقتتلوا، فهزم الله جند اسفندياذ وأخذه بكير أسيرا، فقال له: الصلح أحب إليك أم الحرب؟ فقال بكير:
بل الصلح، قال: فأمسكنى عندك، فإن أهل أذربيجان إن لم أصالح عليهم وأراضى لم يقيموا لك، وجلوا إلى الجبال التى حولها من القبج والروم ومن كان فى حصن تحصن إلى يوم ما، فأمسكه عنده، وصارت البلاد إليه إلا ما كان من حصن، وقدم سماك على بكير واسفندياذ فى إساره، وقد افتتح ما يليه، وافتتح عتبة بن فرقد ما يليه.
وتشوفت نفس بكير إلى المضى قدما، فقال لسماك: إن شئت كنت معى، وإن شئت أتيت عتبة، فإنى لا أرانى إلا تارككما وطالبا وجها هو أكره من هذا. فاستأذن عمر، فكتب إليه بالإذن على أن يتقدم نحو الباب، وأمره أن يستخلف على عمله، فاستخلف
__________
(1) انظر: الطبرى (4/ 153) .
(2) انظر الخبر فى: الطبرى (4/ 153- 155) ، البداية والنهاية لابن كثير (7/ 122) ، تاريخ ابن خلدون (2/ 119، 120) .

الصفحة 580