كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

عنهما فى أثرة المجاهدين وتقويتهم بالأموال، ولقد زاد عثمان أهل العطاء مائة مائة، وتابع إغزاءهم أرض الروم، حتى ذلت عمورية وما دونها من مدائن ضاحية الروم على أداء الجزية، وعلى إنزال جماعة من المسلمين مدينة عمورية يقاتلون من خلفها، فلم يزل المسلمون بها حتى بلغ أهل عمورية قتل عثمان رضى الله عنه قبل أن يبلغ ذلك من كان بها من المسلمين، فقتلوهم على فرشهم، وانتقض ذلك الصلح.
وتمت الفتوح بعثمان رضى الله عنه ورحمه فلم تفتح بعده بلدة إلا صالحا، كان كفر أهلها، أو أرض مما افتتح، عيال على ما افتتح عمر، لا يقوى عليها الجنود إلا بالفىء الذى أفاء الله عز وجل على عمر رضى الله عنه.
مقتل عثمان رضى الله عنه
وقتل عثمان رضى الله عنه بالمدينة فى الثامن عشر لذى الحجة سنة خمس وثلاثين، وقيل فى وسط أيام التشريق، وقيل يوم التروية، وقيل غير ذلك، ولا خلاف بينهم فى أنه قتل فى ذى الحجة، وإنما الخلاف فى أى يوم منه قتل، وكانت خلافته إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا وأياما، وسنه يوم قتل مختلف فيها أيضا على ما قيل فى ذلك أنه كان ابن تسعين سنة، وقيل: ابن ثمان وثمانين سنة، وقيل: ابن ست وثمانين سنة، وقيل: ابن اثنتين وثمانين، وقيل، ابن ثمانين.
وقتل رحمه الله ورضى عنه ظلما وتعديا، بمقدمات فتن نشأت على عهده، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أنذر بها، وأخبر ان الحق مع عثمان رحمه الله ورضى عنه فيها.
وروى مرة البهزى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ستكون فتن كأنها صياصى بقمر» ، فمر علينا رجل متقنع فقال: هذا وأصحابه على الحق، فذهبت فنظرت إليه، فإذا هو عثمان بن عفان رضى الله عنه.
وحديث عائشة رضى الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: «إن الله ملبسك قميصا تريدك أمتى على خلعه فلا تخلعه» ، قال: فلم أدر ما هو حتى رأيت عثمان قد أعطى كل شىء سئله إلا الخلع، فعلمت أنه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى سمع منه.
وفى حديث آخر عنها: أنها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسار عثمان، ولون عثمان يتغير،

الصفحة 623