كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

إلا بما ملك به أولنا، وهى النبوة، فميراثها منها فى كلام غير هذا حسن أبلى به عذرا، وبالغ لقومه نصحا.
وقال:
لعمرى لئن كان النبى محمد ... عليه السلام الله أودى به القدر
لقد كسفت شمس النهار لفقده ... وبكت عليه الأرض وانكسف القمر
وبكته آفاق السماء وما لها ... وللأرض شجو غير ذاك ولا عبر
ولو قيل تفدون النبى محمدا ... لقلنا نعم بالنفس والسمع والبصر
وقل له منا الفداء وهذه ... وإن بذلت لا يسترد بها بشر
فإن يك وافاه الحمام فدينه ... على كل دين خالف الحق قد ظهر
ونحن بحمد الله هامة مذحج ... بنو الحارث الخير الذين هم الغرر
بنجران نعطى من سعى صدقاتنا ... موفرة ما فى الخدود لها صعر
ونحن على دين النبى نرى الذى ... نهانا حراما منه والأمر ما أمر
أحاذر إن لم يدفع الله جولة ... مجدعة يبيض من هولها الشعر
يحين فيها الله من خف حلمه ... ويسعد فيها ذو الأناة بما صبر
نطيع قريشا ما أطاعوا فإن عصوا ... أبينا ولم نشر السلامة بالغرر
وكان لهذا الأمر منهم ثلاثة ... على أو الصديق أو ثالث عمر
فلم يخطئوا إذا سددوها لبعضهم ... هم ما هم كل لإرعاده مطر
وأمثال هذه المقالات نثرا ونظما لرجال من سادات العرب وأشراف القبائل بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير، قاموا بها فى قومهم يحذرونهم من الفتنة، ويحرضونهم على التمسك بالطاعة لمن قام بالأمر.
وقد ذكر المؤلفون فى الردة كثيرا منها، وهى بذلك الباب أخص، وإنما تخيرت هنا منا ما يتعلق نظمه بباب الرثاء، ويبعث فى حق المصطفى على التفجع والبكاء، حشدا على الداهية الدهياء، واستعانة على الحادثة النكراء، وعظيم المصيبة بوفاة من حق فى حقه بكاء الأرض والسماء، وقل لفقده أن تسح المدامع عوض الدموع بالدماء:
هو الرزء الذى ابتدأ الرزايا ... وقال لأعين الثقلين جودى
وقال حسان بن ثابت الأنصارى «1» يبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
__________
(1) انظر: السيرة (4/ 292) .

الصفحة 71