كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

بطيبة رسم للرسول ومعهد ... منير وقد تعفو الرسوم وتهمد
«1»
ولا تمتحى الآيات من دار حرمة ... بها منبر الهادى الذى كان يصعد
وواضح آثار وباقى معالم ... وربع له فيه مصلى ومسجد
بها حجرات كان ينزل وسطها ... من الله نور يستضاء ويوفد
معارف لم تطمس على العهد أيها ... أتاها البلى فالآى منها تجدد
عرفت بها رسم الرسول وعهده ... وقبرا بها واراه فى التراب ملحد
ظللت بها أبكى الرسول فأسعدت ... عيون ومثلاها من الجفن تسعد
يذكون ألاء الرسول وما أرى ... لها محصيا نفسى فنفسى تبلد «2»
مفجعة قد شفها فقد أحمد ... فظلت لآلاء الرسول تعدد «3»
وما بلغت من كل أمر عشيره ... ولكن لنفسى بعد ما قد توجد «4»
اطالت وقوفا تذرف العين جهدها ... على طلل القبر الذى فيه أحمد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت ... بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد
وبورك لحد منك ضمن طيبا ... عليه بناء من صفيح منضد «5»
تهيل عليه الترب أيد واعين ... عليه وقد غارت بذلك أسعد
لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة ... عشية علوه الثرى لا يوسد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم ... وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يبكون من تبكى السموات يومه ... ومن قد بكته الآرض فالناس أكمد
وهل عدلت يوما رزية هالك ... رزية يوم مات فيه محمد
تقطع فيه منزل الوحى عنهم ... وقد كان ذا نور يغور وينجد «6»
يدل على الرحمن من يقتدى به ... وينفذ من هول الخزايا ويرشد
إمام لهم يهديهم الحق جاهدا ... معلم صدق أن يطيعوا ويسعدوا
__________
(1) طيبة: اسم مدينة النبى. والرسم: ما بقى من آثار الدار. وتعفو: أى تدرس وتتغير. وتهمد: أى تبلى.
(2) تسعد: أى تعين.
(3) شفها: أى أضعفها.
(4) العشير: أى العشر. وتوجد: من الوجد، وهو الحزن.
(5) الصفيح: الحجارة العريضة. والمنضد: الذى جعل بعضه على بعض.
(6) يغور: أى يبلغ الغور، وهو المنخفض من الأرض. وينجد: أى يبلغ النجد، وهو المرتفع من الأرض.

الصفحة 72