كتاب الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء (اسم الجزء: 2)

لم يترك الله منا بعده أحدا ... ولم يعش بعده أنثى ولا ذكرا
ذلت رقاب بنى النجار كلهم ... وكان أمرا من أمر الله قد قدرا
واقتسم الفىء دون الناس كلهم ... وبددوه جهارا بينهم هدرا
وقال حسان بن ثابت أيضا يبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
آليت ما فى جميع الناس مجتهدا ... منى ألية بر غير إفناد «1»
تالله ما حملت أنثى ولا وضعت ... مثل الرسول نبى الأمة الهادى
ولا برا الله خلقا من بريته ... أو فى بذمة جار أو بميعاد
من ذا الذى كان فينا يستضاء به ... مبارك الأمر ذا عدل وإرشاد
أمسى نساؤك عطلن البيوت فما ... يضربن فوق قفا ستر بأوتاد
مثل الرواهب يلبسن المباذل قد ... أيقن بالبؤس بعد النعمة الباد
«2»
يا أفضل الناس إنى كنت فى نهر ... أصبحت منه كمثل المفرد الصادى «3»
وقال كعب بن مالك الأنصارى من كلمة يبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وباكية حرى تحرق بالبكا ... وتلطم منها خدها والمقلدا
على هالك بعد النبى محمد ... ولو عدلت لم تبك إلا محمدا
فلست بباك بعد فقد محمد ... فقيدا وإن كان القريب المسودا
فجعنا بخير الناس حيا وميتا ... وأدناه من أهل السموات مقعدا
وأعظمه فقدا على كل مسلم ... وأكرمه فى الناس كلهم يدا
متى تنزل الأملاك بالوحى بعده ... علينا إذ ما اللبس فينا ترددا
إذا كان منه القول كان موفقا ... وإن كان وحيا كان نورا مجددا
جزى الله عنا ربنا خير ما جزى ... نبى الهدى الداعى إلى الحق أحمدا
وقال عمرو بن سالم الخزاعى يبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لعمرى لئن جادت لك العين بالبكا ... لمحقوقة أن تستهل وتدمعا
فيا حفص إن الأمر جل عن البكا ... غداة نعى الناعى النبى فأسمعا
فلم أر يوما كان أعظم حادثا ... ولم أر يوما كان أكثر موجعا
__________
(1) الألية: اليمين والحلف. والإفناد: العيب والخطأ.
(2) المباذل: الأثواب التى تستعمل يوميا، أو الأثواب الخلقة.
(3) الصادى: العاطش أو الشديد العطش.

الصفحة 75