كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَالسِّقْطُ إنْ اسْتَهَلَّ أَوْ بَكَى كَكَبِيرٍ، وَإِلَّا فَإِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ كَاخْتِلَاجٍ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ وَلَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ بَلَغَهَا فِي الْأَظْهَرِ.

وَلَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَوَلِّي. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَالصَّرِيحِ فِي وُجُوبِ هَذِهِ الصَّلَاةِ. قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُصَلَّ عَلَى الْمَيِّتِ وَإِلَّا فَهَلْ نَقُولُ تَجِبُ تَكْرِمَةً لَهُ كَالْجُمْلَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ احْتِمَالٌ يُعْرَفُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي النِّيَّةِ ا. هـ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ قَدْ صَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ غُسْلِ الْعُضْوِ وَإِلَّا فَتَجِبُ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ الْمُجَوِّزَةِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِدُونِ غَسْلِ الْعُضْوِ بِوِجْدَانِنَا لَهُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْكَافِي لَوْ قُطِعَ رَأْسُ إنْسَانٍ بِبَلَدٍ وَحُمِلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ صُلِّيَ عَلَيْهِ حَيْثُ هُوَ وَعَلَى الْجُثَّةِ حَيْثُ هِيَ، وَلَا يُكْتَفَى بِالصَّلَاةِ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَلَوْ جُهِلَ كَوْنُ الْعُضْوِ مِنْ مُسْلِمٍ صُلِّيَ عَلَيْهِ أَيْضًا إنْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا لَوْ وُجِدَ فِيهَا مَيِّتٌ جُهِلَ إسْلَامُهُ.

(وَالسِّقْطُ) بِتَثْلِيثِ السِّينِ مِنْ السُّقُوطِ (إنْ) عُلِمَتْ حَيَاتُهُ بِأَنْ (اسْتَهَلَّ) أَيْ صَاحَ (أَوْ بَكَى) وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْبُكَاءِ، وَهُوَ بِالْقَصْرِ الدَّمْعُ، وَبِالْمَدِّ رَفْعُ الصَّوْتِ، فَإِذَا مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ (كَكَبِيرٍ) فَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ لِتَيَقُّنِ مَوْتِهِ بَعْدَ حَيَاتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ أَوْ لَمْ يَبْكِ (فَإِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ كَاخْتِلَاجٍ) أَوْ تَحَرُّكٍ (صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ) لِاحْتِمَالِ الْحَيَاةِ بِهَذِهِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا وَلِلِاحْتِيَاطِ. وَالثَّانِي: لَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِهَا، وَقَطَعَ فِي الْمَجْمُوعِ بِالْأَوَّلِ، وَيَجِبُ دَفْنُهُ قَطْعًا وَكَذَا غُسْلُهُ، وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ (وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ) أَمَارَةُ الْحَيَاةِ (وَلَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) أَيْ لَمْ يَظْهَرْ خَلْقُهُ (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) قَطْعًا لِعَدَمِ الْأَمَارَةِ، وَلَا يُغَسَّلُ عَلَى الْمَذْهَبِ بَلْ يُسَنُّ سَتْرُهُ بِخِرْقَةٍ وَدَفْنُهُ (وَكَذَا إنْ بَلَغَهَا) أَيْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ؛ أَيْ مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا حَدَّ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ عَادَةً: أَيْ وَظَهَرَ خَلْقُهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ وُجُوبًا وَلَا جَوَازًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِعَدَمِ ظُهُورِ حَيَاتِهِ، وَيَجِبُ غُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَدَفْنُهُ، وَفَارَقَ الصَّلَاةَ غَيْرُهَا بِأَنَّهُ أَوْسَعُ بَابًا مِنْهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الذِّمِّيَّ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُدْفَنُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، فَالْعِبْرَةُ فِيمَا ذُكِرَ بِظُهُورِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ وَعَدَمِ ظُهُورِهِ كَمَا تَقَرَّرَ، فَالتَّعْبِيرُ بِبُلُوغِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَدَمِ بُلُوغِهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ ظُهُورِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ عِنْدَهَا، وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِزَمَنِ إمْكَانِ نَفْخِ الرُّوحِ وَعَدَمِهِ وَبَعْضُهُمْ بِالتَّخْطِيطِ وَعَدَمِهِ، وَكُلُّهَا وَإِنْ تَقَارَبَتْ فَالْعِبْرَةُ بِمَا ذُكِرَ.
فَائِدَةٌ السِّقْطُ هُوَ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ تَمَامَ أَشْهُرِهِ، أَمَّا مَنْ بَلَغَهَا فَيُصَلَّى عَلَيْهِ مُطْلَقًا كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخِي وَفَعَلَهُ.

(وَلَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ يَحْرُمَانِ؛ لِأَنَّهُ حَيٌّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَلِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ» . قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: جَاءَتْ الْأَحَادِيث مِنْ وُجُوهٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَنَّهُ

الصفحة 33