كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَلَوْ عَيَّبَهُ الْبَائِعُ فَالْمَذْهَبُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَا التَّغْرِيمِ.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيع قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ بَيْعَهُ لِلْبَائِعِ كَغَيْرِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِهَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ (وَلَوْ عَيَّبَهُ الْبَائِعُ فَالْمَذْهَبُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ) لِلْمُشْتَرِي (لَا التَّغْرِيمِ) أَمَّا الْخِيَارُ فَلَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْبَائِعِ إمَّا كَالْآفَةِ وَإِمَّا كَفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ، وَكِلَاهُمَا مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي التَّغْرِيمِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَإِتْلَافِهِ الَّذِي هُوَ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ عَلَى الرَّاجِحِ الْمَقْطُوعِ بِهِ كَمَا مَرَّ، وَمُقَابِلُهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ مَعَ التَّغْرِيمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِعْلَ الْبَائِعِ كَفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ فَصَحَّ تَعْبِيرُهُ هُنَا بِالْمَذْهَبِ كَمَا هُنَاكَ، وَكَانَ الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ ثَبَتَ الْخِيَارُ لَا التَّغْرِيمُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِالْحَالِ حَتَّى قَبَضَ وَحَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ كَانَ لَهُ الْأَرْشُ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ.

(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ) وَلَا الْإِشْرَاكُ فِيهِ وَلَا التَّوْلِيَةُ مَنْقُولًا كَانَ أَوْ عَقَارًا وَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ لِخَبَرِ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " وَلَا أَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا مِثْلَهُ " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ «لَا تَبِيعَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَقْبِضَهُ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ مُتَّصِلٌ وَلِضَعْفِ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِدَلِيلِ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِالتَّلَفِ قَبْلَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: يَصِحُّ أَنْ يُؤْجِرَ مَا اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ مَا امْتَنَعَ كَمَا فِي الْبَيْعِ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ وَرَدَ عَلَى الْعَيْنِ وَالْقَبْضُ يَتَأَتَّى فِيهَا حَقِيقَةً وَالْإِجَارَةُ وَارِدَةٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَلَمْ يَكُنْ الْقَبْضُ لَهَا حَقِيقَةً (وَالْأَصَحُّ أَنَّ بَيْعَهُ لِلْبَائِعِ كَغَيْرِهِ) فَلَا يَصِحُّ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَلِضَعْفِ الْمِلْكِ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ كَبَيْعِ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا بَاعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ تَفَاوُتِ صِفَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ إقَالَةٌ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ فَيَصِحُّ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي الْقَوْلَيْنِ وَبَنَاهُمَا عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالْمَعْنَى، وَالْأَصْحَابُ تَارَةً يَعْتَبِرُونَ اللَّفْظَ وَهُوَ الْأَكْثَرُ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذَا بِلَا ثَمَنٍ لَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا وَلَا هِبَةً عَلَى الصَّحِيحِ وَكَمَا لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِكَذَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا لَا سَلَمًا عَلَى الصَّحِيحِ، وَتَارَةً يَعْتَبِرُونَ الْمَعْنَى كَمَا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِكَذَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ، فَلَمْ يُطْلِقُوا الْقَوْلَ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ بَلْ يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ بِقُوَّةِ الْمُدْرَكِ كَالْإِبْرَاءِ فِي أَنَّهُ إسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ، وَفِي أَنَّ النَّذْرَ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ الْوَاجِبِ أَوْ الْجَائِزِ، وَفِي أَنَّ الطَّلَاقَ

الصفحة 461