كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَأَنَّ الْإِجَارَةَ وَالرَّهْنَ وَالْهِبَةَ كَالْبَيْعِ، وَأَنَّ الْإِعْتَاقَ بِخِلَافِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّجْعِيَّ يُزِيلُ الْمِلْكَ أَمْ لَا، وَتَارَةً لَا يُرَاعُونَ اللَّفْظَ وَلَا الْمَعْنَى فِيمَا إذَا قَالَ: أَسْلَمْتُ إلَيْكَ هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا وَلَا سَلَمًا، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْمَذْهَبِ، فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ مُقَابِلَهُ شَاذٌّ ضَعِيفٌ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْقَطْعِ بِالْبُطْلَانِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْإِجَارَةَ) وَالْكِتَابَةَ (وَالرَّهْنَ وَالْهِبَةَ) وَالصَّدَاقَ وَالْإِقْرَاضَ وَجَعْلَهُ عِوَضًا فِي نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (كَالْبَيْعِ) فَلَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْبَيْعِ ضَعْفُ الْمِلْكِ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ تَوَالِي الضَّمَانَيْنِ.
تَنْبِيهٌ لَا فَرْقَ فِي بُطْلَانِ الرَّهْنِ مِنْ الْبَائِعِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ رَهَنَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَإِنْ قَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِمَا إذَا رَهَنَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ وَكَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، وَخَرَجَ بِالْمَبِيعِ زَوَائِدُهُ الْحَادِثَةُ، فَلَوْ اشْتَرَى نَخْلًا مَثَلًا فَأَثْمَرَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَ بَيْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَضْمُونَةٍ عَلَى الْبَائِعِ قَالَهُ الْأَرْدَبِيلِيِّ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: يَنْبَنِي عَلَى أَنَّهَا تَعُودُ لِلْبَائِعِ لَوْ عَرَضَ انْفِسَاخٌ أَوَّلًا، فَإِنْ أَعَدْنَاهَا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهَا كَالْأَصْلِ وَإِلَّا تَصَرَّفَ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ يُفْهِمُ الْجَوَازَ بَعْدَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ مَحِلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ خِيَارٌ، فَإِنْ كَانَ امْتَنَعَ أَيْضًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ صُورَتَيْنِ: الْأُولَى: إذَا اشْتَرَى مِنْ مُوَرِّثِهِ شَيْئًا وَمَاتَ مُوَرِّثُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي يَدِهِ شَرْعًا، وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ. الثَّانِيَةُ: إذَا اشْتَرَى جُزْءًا شَائِعًا وَطَلَبَ قِسْمَتَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَيْهِ وَإِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ؛ لِأَنَّ الرِّضَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِيهَا، وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ الرِّضَا جَازَ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ الْقَبْضُ كَالشُّفْعَةِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ، وَاسْتَثْنَى غَيْرُهُ صُورَةً أُخْرَى، وَهِيَ مَا لَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ نَفْسِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَصِحُّ إنْ قُلْنَا: إنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَهَذِهِ تُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْإِعْتَاقَ بِخِلَافِهِ) فَيَصِحُّ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ أَمْ لَا لِقُوَّتِهِ وَضَعْفِ حَقِّ الْحَبْسِ، وَلِهَذَا يَصِحُّ إعْتَاقُ الْآبِقِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَا يَصِحُّ إعْتَاقُ الْمَرْهُونِ مِنْ الرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الرَّاهِنَ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ كَالْبَيْعِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ. وَالثَّالِثَ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لِتَأْجِيلِ الثَّمَنِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ

الصفحة 462