كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 2)

فَإِنْ اسْتَبْدَلَ مُوَافِقًا فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَدَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ اُشْتُرِطَ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي الْعَقْدِ وَكَذَا الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ

إنْ اسْتَبْدَلَ مَا لَا يُوَافِقُ فِي الْعِلَّةِ كَثَوْبٍ عَنْ دَرَاهِمَ، وَلَوْ اسْتَبْدَلَ عَنْ الْقَرْضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQحُكْمُ الثَّمَنِ لِاسْتِقْرَارِهَا، بِخِلَافِ دَيْنِ السَّلَمِ كَمَا مَرَّ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَنِ بِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ بِانْقِطَاعِهِ لِلِانْفِسَاخِ أَوْ الْفَسْخِ، وَبِأَنَّ عَيْنَهُ تُقْصَدُ بِخِلَافِ الثَّمَنِ فِيهِمَا، وَيَجُوزُ اسْتِبْدَالُ الْحَالِّ عَنْ الْمُؤَجَّلِ وَكَانَ صَاحِبُهُ عَجَّلَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْأَجَلِ.
فَائِدَةٌ: الثَّمَنُ: النَّقْدُ إنْ قُوبِلَ بِغَيْرِهِ لِلْعُرْفِ، فَإِنْ كَانَا نَقْدَيْنِ أَوْ عَرْضَيْنِ فَمَا الْتَصَقَتْ بِهِ الْبَاءُ الْمُسَمَّاةُ بِبَاءِ الثَّمَنِيَّةِ هُوَ الثَّمَنُ، وَالْمُثَمَّنُ مَا يُقَابِلُهُ، فَلَوْ قَالَ بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِعَبْدٍ وَوَصَفَهُ فَالْعَبْدُ مَبِيعٌ لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ وَالدَّرَاهِمُ ثَمَنٌ، أَوْ بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِعَبْدٍ وَوَصَفَهُ فَالْعَبْدُ ثَمَنٌ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ لَا عَنْ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ مُثَمَّنٌ.
فَإِنْ قِيلَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ بِدَرَاهِمَ سَلَمًا كَانَتْ ثَمَنًا وَصَحَّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ دُخُولَ الْبَاءِ عَارَضَهُ كَوْنُهُ مُسْلَمًا فِيهِ فَلَا يَصِحُّ، فَكَلَامُهُمْ عَلَى إطْلَاقِهِ مِنْ أَنَّ الثَّمَنَ مَدْخَلُ الْبَاءِ وَلَكِنْ عَارَضَ مَانِعٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا تُرَدُّ نَقْضًا، وَقِيلَ: إنَّ قَوْلَهُمْ: يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ الثَّمَنِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ حَتَّى لَا تُرَدُّ هَذِهِ الصُّورَةُ، هَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ (فَإِنْ اسْتَبْدَلَ مُوَافِقًا فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَدَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ) أَوْ عَكْسَهُ (اُشْتُرِطَ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ) كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ السَّابِقُ حَذَرًا مِنْ الرِّبَا فَلَا يَكْفِي التَّعْيِينُ عَنْهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ) لِلْبَدَلِ: أَيْ تَشْخِيصُهُ (فِي الْعَقْدِ) ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ جَائِزٌ.
وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (وَكَذَا) لَا يُشْتَرَطُ (الْقَبْضُ) لِلْبَدَلِ (فِي الْمَجْلِسِ) فِي الْأَصَحِّ.

(إنْ اسْتَبْدَلَ مَا لَا يُوَافِقُ فِي الْعِلَّةِ) لِلرِّبَا (كَثَوْبٍ عَنْ دَرَاهِمَ) كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ فِي الْمَجْلِسِ قَطْعًا، وَفِي اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ الْوَجْهَانِ فِي اسْتِبْدَالِ الْمُوَافِقِ.
وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ دَيْنٌ، فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْآخَرِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ.
فَإِنْ قِيلَ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَطَعَامٍ عَنْ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ، فَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الثَّوْبَ لَا يُوَافِقُ الدَّرَاهِمَ فِي عِلَّةِ الرِّبَا؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ النَّفْيَ يَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ، فَيَصْدُقُ بِأَنْ لَا رِبَا أَصْلًا (وَلَوْ اسْتَبْدَلَ عَنْ الْقَرْضِ) بِمَعْنَى الْمَقْرُوضِ جَازَ وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ تَلَفِهِ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ فِي الذِّمَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَيْنِهِ.

الصفحة 465