كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَلَوْ تَنَازَعَ أَخَوَانِ أَوْ زَوْجَتَانِ أُقْرِعَ.

وَالْكَافِرُ أَحَقُّ بِقَرِيبِهِ الْكَافِرِ.

وَيُكْرَهُ الْكَفَنُ الْمُعَصْفَرُ.

وَالْمُغَالَاةُ فِيهِ، وَالْمَغْسُولُ أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ.

وَالصَّبِيُّ كَبَالِغٍ فِي تَكْفِينِهِ بِأَثْوَابٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَذْرَعِيُّ: أَنْ يُقَالَ إذَا رَأَى مِنْ مُبْتَدِعٍ أَمَارَةَ خَيْرٍ كَتَمَهَا، وَلَا يَبْعُدُ إيجَابُهُ لِئَلَّا يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى الْإِغْرَاءِ بِهَا، وَيُسَنُّ كِتْمَانُهُ مِنْ الْمُتَجَاهِرِ بِالْفِسْقِ وَالظَّالِمِ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِذِكْرِهَا أَمْثَالُهُ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّفْصِيلِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. قَالَ الْغَزِّيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْكِتَابِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ عَائِدًا لِلْأَمْرَيْنِ اهـ.
وَلَا بَأْسَ بِهِ. غَرِيبَةٌ حُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً بِالْمَدِينَةِ فِي زَمَنِ مَالِكٍ غَسَّلَتْ امْرَأَةً فَالْتَصَقَتْ يَدُهَا عَلَى فَرْجِهَا فَتَحَيَّرَ النَّاسُ فِي أَمْرِهَا هَلْ تُقْطَعُ يَدُ الْغَاسِلَةِ أَوْ فَرْجُ الْمَيِّتَةِ؟ فَاسْتُفْتِيَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: سَلُوهَا مَا قَالَتْ لَمَّا وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَيْهَا؟ فَسَأَلُوهَا فَقَالَتْ: قُلْتُ طَالَمَا عَصَى هَذَا الْفَرْجُ رَبَّهُ، فَقَالَ مَالِكٌ: هَذَا قَذْفٌ، اجْلِدُوهَا ثَمَانِينَ تَتَخَلَّصْ يَدُهَا، فَجَلَدُوهَا ذَلِكَ فَخَلَصَتْ يَدُهَا. فَمِنْ ثُمَّ قِيلَ: لَا يُفْتَى وَمَالِكٌ بِالْمَدِينَةِ.

(وَلَوْ تَنَازَعَ أَخَوَانِ) مَثَلًا (أَوْ زَوْجَتَانِ) فِي غُسْلِ مَيِّتٍ لَهُمَا، وَلَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا حَتْمًا فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ غَسَّلَهُ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ.

(وَالْكَافِرُ أَحَقُّ بِقَرِيبِهِ الْكَافِرِ) فِي تَجْهِيزِهِ مِنْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] [الْأَنْفَالَ] فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُ.

(وَيُكْرَهُ) لِلْمَرْأَةِ (الْكَفَنُ الْمُعَصْفَرُ) وَالْمُزَعْفَرُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الزِّينَةِ. وَأَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ اللِّبَاسِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ الْمُزَعْفَرُ دُونَ الْمُعَصْفَرِ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَرَاهَةُ الْمُعَصْفَرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ صَحِيحٌ.
وَأَمَّا الْمُزَعْفَرُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَأَمَّا الرَّجُلُ فَيَحْرُمُ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَضَى يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا.

(وَ) تُكْرَهُ (الْمُغَالَاةُ فِيهِ) أَيْ الْكَفَنِ بِارْتِفَاعِ ثَمَنِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَاحْتُرِزَ بِالْمُغَالَاةِ عَنْ تَحْسِينِهِ فِي بَيَاضِهِ وَنَظَافَتِهِ وَسُبُوغِهِ فَإِنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِمَا فِي مُسْلِمٍ «إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» (2) أَيْ يَتَّخِذْهُ أَبْيَضَ نَظِيفًا سَابِغًا، وَفِي كَامِلِ ابْنِ عَدِيٍّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «حَسِّنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورِهِمْ» (وَ) الْمَلْبُوسُ (الْمَغْسُولُ) بِأَنْ يُكَفَّنَ فِيهِ الْمَيِّتُ (أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ) ؛ لِأَنَّهُ لِلصَّدِيدِ وَالْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ، فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبِهِ الْخَلَقِ وَزِيَادَةَ ثَوْبَيْنِ، وَقَالَ الْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنْ الْمَيِّتِ إنَّمَا هُوَ لِلصَّدِيدِ، وَقِيلَ: الْجَدِيدُ أَوْلَى لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ وَكُفِّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولِيَّةٍ جُدُدٍ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ مَذْهَبًا وَدَلِيلًا.

(وَ) الصَّغِيرُ (الصَّبِيُّ) أَوْ الصَّبِيَّةُ أَوْ الْخُنْثَى (كَبَالِغٍ فِي تَكْفِينِهِ بِأَثْوَابٍ) ثَلَاثَةٍ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْبَالِغِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِأَثْوَابٍ إلَى أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى

الصفحة 47